المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

342

وقد أجاب على ذلك المحقّقون بما يرجع محصّله إلى وجوه ثلاثة:

الأوّل: دعوى حكومة أدلّة حجّيّة خبر الواحد على هذه الآيات؛ لأنّ موضوعها الظنّ وعدم العلم، وأدلّة حجّيّة خبر الواحد تجعل العلم والطريقيّة لخبر الواحد، فيخرج خبر الواحد عن كونه ظنّاً أو عدم كونه علماً.

ويرد عليه ـ بغضّ النظر عن الإشكال على أصل المبنى: من كون مفاد أدلّة حجّيّة خبر الواحد هو جعل الطريقيّة والعلم ـ: أنّنا لو لم نسلّم دلالة هذه الآيات في نفسها على عدم حجّيّة الظنّ حتّى بالنسبة للقياس فضلاً عن خبر الواحد، فلا موضوع للحكومة، فإنّ الحكومة فرع التعارض البدويّ. ولو سلّمنا دلالتها في نفسها على عدم حجّيّة الظنّ فكما أنّ دليل حجّيّة الظنّ يدلّ ـ بحسب مذاقهم ـ على جعله علماً، كذلك دليل عدم حجيّته يدلّ على عدم جعله علماً، فهما دليلان في عرض واحد تعارضا في جعل خبر الواحد علماً وعدمه، ولا مبرّر للحكومة. نعم، لا بأس بحكومة دليل جعل خبر الواحد علماً على أدلّة الأحكام المترتّبة على العلم وعدمه كدليل حرمة الإفتاء بغير علم. أمّا الدليل الذي ينفي حجّيّة الظنّ فهو في عرض الدليل الذي يثبت حجّيّته وينفي كون الظنّ علماً، كما أثبت دليل الحجّيّة كونه علماً. فهما متعارضان(1).

 


(1) هذا بناءً على المذاق الذي يرى أنّ الحجّيّة مطلقاً أو ـ على الأقلّ ـ في الأمارات لا يتصوّر لها مغزىً غير جعل العلم، فيقال عندئذ: كما أنّ دليل الحجّيّة يدلّ على جعل العلم كذلك دليل عدم الحجّيّة يدلّ على نفي جعل العلم. أمّا لو قيل: إنّ حمل دليل حجّيّة خبر الواحد على جعل العلم إنّما هو أمر استظهاريّ من بعض ألسنة الدليل، كقوله: «ليس لأحد التشكيك فيما يروي عنّا ثقاتنا»، وليس كلّ دليل يثبت الحجّيّة أو ينفيها فهو يثبت جعل العلم أو ينفيه، أمكن دعوى حكومة خصوص ذاك اللسان على آيات النهي عن