المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

336


وتوضيح ذلك: أن يقال: إنّه إذا كان العرف يفهم من دليل حجّيّة الأمارة حجّيّة مثبتاتها أيضاً بنكتة أنّ تمام المقياس هو الكشف الذي نسبته إلى المفاد الأوّليّ للأمارة والملازمات على حدّ سواء، فنفس النكتة توجب التعدّي إلى الأمارة الاُخرى المماثلة لهذه الأمارة أو الأقوى منها؛ لأنّ تمام النكتة في حجّيّة الأمارة الاُولى هي الكشف الثابت في الأمارة الثانية أيضاً بدرجة متساوية أو أقوى. وإذا كان العرف يحتمل أن لا يكون الكشف هو تمام النكتة في الحجّيّة فكما لا يتعدّى إلى الأمارة الثانية كذلك لا يبقى مبرّر لحجّيّة مثبتات الأمارة؛ إذ لعلّ نكتة الحجّيّة التي ليست هي الكشف محضاً تختصّ بالمفاد الأوّليّ للأمارة.

والواقع: أنّ دليل حجّيّة الأمارة تارةً يفرض شموله ابتداءً لمثبتات الأمارة في عرض شموله للمدلول الأوّليّ لها، وعندئذ لا شكّ في حجّيّة مثبتاتها من دون أن ينتقض ذلك بعدم حجّيّة الأمارة الثانية كما هو واضح. مثاله: ما إذا كان الدليل على حجّيّة خبر الثقة عبارة عن السيرة العقلائيّة التي نسبتها إلى المفاد الذي قصده المخبر وملازماته التي لم يقصدها على حدّ سواء.

واُخرى يفرض أنّ دليل حجّيّة الأمارة انصبّ بمضمونه ابتداءً على المدلول الأوّليّ للأمارة، لكنّنا تعدّينا إلى مثبتات الأمارة بعدم الفرق، وهذا هو الذي يمكن أن يتخيّل وروده نقضاً على المقام، فيقال: لو استظهر من دليل الحجّيّة أنّ تمام الموضوع للحجّيّة هو هذه المرتبة من الكشف فكما نتعدّى من الدلالة المطابقيّة إلى الملازمات كذلك نتعدّى من خبر الثقة مثلاً إلى كلّ ما يساويه في الكشف، ولو لم يستظهر ذلك لم نتعدّ لا إلى ما يساوي خبر الثقة في الكشف ولا إلى الملازمات.

والجواب: أنّ الأخبار الإلزاميّة ـ مثلاً ـ حينما جعلت حجّة يكون المستظهر لنا من