المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

333

وعدم الالتفات إلى النكتة التي شرحناها أوجب إبراز الإشكال في الاستدلال بالحديث بصياغة عدم قابليّة هذا التعليل لجعله قاعدة عامّة. وواقع الأمر ما ذكرناه.

الثاني: ما رواه في عوالي اللآلي عن العلاّمة(رحمه الله) مرفوعاً عن زرارة قال: «سألت الباقر(عليه السلام) فقلت: جعلت فداك، يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأ يّهما آخذ؟ قال(عليه السلام): يا زرارة، خذ بما اشتهر بين أصحابك، ودع الشاذّ النادر ...»(1).

وتقريب الاستدلال بذلك: أنّ مورد الحديث وإن كان هو الخبرين المتعارضين لكن المورد لا يخصّص الوارد، فمقتضى إطلاق قوله: «خذ بما اشتهر بين أصحابك» حجّيّة الشهرة وإن كانت في الفتوى.

وهذا الوجه ـ بغضّ النظر عن سقوط الحديث سنداً ـ يظهر ممّا مضى في المقبولة الإيراد عليه:

أوّلاً: بأنّه لم يثبت كون المراد بالشهرة الأكثريّة في قبال الأقلّيّة كما هو المصطلح عندنا، فلعلّ المراد بها الوضوح لدى الكلّ.

وثانياً: أنّ ظاهر الحديث كونه في مقام تعيين الحجّة دون تأسيس أصل الحجّيّة(2)، فلا يشمل مثل الفتويين المتعارضتين.

هذا مضافاً إلى ما يرد على الاستدلال بهذا الحديث من غير ما ذكرناه(3).

 


(1) مستدرك الوسائل، ج 3، ب 9 من صفات القاضي، ح 2، ص 185.

(2) لعلّه أخذ ـ رضوان الله تعالى عليه ـ هذا الظهور من قول السائل: «بأيّهما آخذ»، فكأنّ الأخذ بأحدهما كان مفروغاً عنه فيطلب التعيين.

(3) لعلّه (رضوان الله عليه) يشير بذلك إلى ما قد يقال: من أنّ (ما) الموصولة من المبهمات التي يصلح المورد للمنع عن انعقاد الإطلاق لها في غير دائرة المورد، أو إلىمنع