المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

332

ثابتاً في كلتا الروايتين لكن انتفاء الريب في الرواية المجمع عليها يكون بمعنى أنّ الشذوذ الذي هو باب من أبواب تطرّق الريب منسدّ بالنسبة لها، بينما هو مفتوح بالنسبة للخبر الشاذّ.

وهذا أيضاً يمتاز على الاحتمال الثاني بتحفّظه على التعليل بأمر مفهوم عند العقلاء، لكنّه أيضاً خلاف الظاهر، فإنّ الظاهر من عدم الريب هو عدم الريب حقيقة ومن جميع الجهات، لا عدم الريب النسبيّ.

ولو سلّمنا موافقة هذا الاحتمال لظاهر الحديث، قلنا: إنّه لا ينفعنا في المقام، لا لما اُفيد(1): من أنّ عدم الريب النسبيّ لا يصلح جعله قاعدة عامّة، فإنّ حاله حال سائر التعليلات يصلح جعله قاعدة عامّة، بل لأنّ هذا التعليل يكون بصدد بيان الوجه لترجيح هذا على ذاك بعدم الريب فيه بالنسبة إلى ذاك بعد فرض الفراغ عن حجّيّة أحدهما، أي: أنّه بعد ما فرض الفراغ عن حجّيّة أحدهما يكون ما هو أقلّ ريباً منهما أولى بالحجّيّة من الآخر، لا بصدد بيان تأسيس الحجّيّة لكلّ أمارة يوجد ما هو أخسّ منها إلى أن نصل إلى أخسّ الأمارات، فالتعدّي بقانون التعليل إنّما يكون إلى كلّ مورد علمنا بحجّيّة إحدى الأمارتين وكانت إحداهما أقلّ ريباً من الاُخرى. ولأجل هذا التعليل ومثله قال بعض في باب الخبرين المتعارضين بكفاية مطلق الترجيحات المتصوّرة في المقام ممّا يجعل احتمال الصدق في أحدهما أقوى من الآخر.

أمّا الشهرة الفتوائيّة التي يكون الكلام في أصل حجّيّتها، فهي أجنبيّة عن مفاد الحديث، ولم تثبت لنا في المرتبة السابقة حجّيّة إحدى الفتويين، كي نجعل الشهرة موجبة لتعيينها.


(1) راجع فوائد الاُصول للمحقّق الكاظميّ(رحمه الله)، ج 2، ص 54.