المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

33


شابه ذلك، فلم يدلّ عليه الخطاب كي ينافي الحكم الظاهريّ، وإن شئت فعبّر عن ذلك بأنّ إرادة المولى للفعل كانت بمستوى يدعوه إلى سدّ بعض أبواب العدم لا جميعها.

ولعلّ الذي جعل اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) يفسّر عبارة المحقّق العراقي(رحمه الله) بالتفسير الذي مضى، هو ما جاء في عبارته: من تحديد مقدار دلالة الخطاب بحفظ مرامه بمقدار استعداد خطابه، وهو ليس إلّا حفظ المقصود بجميع مقدّماته المحفوظة في الرتبة السابقة عن خطابه، بلا شمول الخطاب بمضمونه للإرادة على حفظ مرامه من قبل المقدّمات المتأخّرة عن الخطاب ولو بمثل تطبيق العبد خطاب مولاه على المورد مقدّمة لحركته ... . بينما هذا النصّ لا ينظر إلى المقدّمات التي تكون مقدّميّتها في طول الخطاب، وإنّما ينظر إلى المقدّمات التي تكون بذاتها وليدة للخطاب كالعلم بالخطاب. ولعلّ قوله: (ولو بمثل تطبيق العبد خطاب مولاه على المورد مقدّمة لحركته) هو الذي فهم منه اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)استثناء إرادة الفعل من الوجوب المقدّميّ، بينما الظاهر أنّ مقصوده بالتطبيق تحصيل العلم، كما يشهد له قوله بعد هذا النصّ مباشرة: «وحينئذ يخرج مثل هذه المقدّمات عن حيطة فعليّة الخطاب بمضمونه، فلا بأس حينئذ من ترخيص المولى على تفويت مرامه ولو بترخيصه على ترك تطبيق خطابه على المورد بتحصيل علمه بخطابه، فضلاً عن صورة عدم تمكّن العبد عن التطبيق». نعم، من الصحيح أن تستثنى إرادة الفعل من الوجوب المقدّميّ من باب أنّها غير اختياريّة، وأنّها تتولّد في النفس من إرادة المولى قهراً.

وعلى أيّ حال، فيرد على كلام المحقّق العراقي(رحمه الله): أنّ تصدّي المولى لتحقيق المقدّمة الثانية بإيجاب الاحتياط ـ كما تصدّى لتحقيق المقدّمة الاُولى مثلاً ـ لو كان يستدعي منه صرف نشاط إضافيّ يتعبه مثلاً، فقد يقال: إنّ إرادة المولى للفعل لم تكن بمستوى يحرّك المولى نحو تحقيق كلتا المقدّمتين، وإنّما كانت بمستوى يحرّك المولى