المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

328

 

التواتر مع الواسطة:

بقي الكلام في التواتر مع الواسطة(1)، وهو ـ على ما ذكره الأصحاب ـ مشروط بحصول التواتر في كلّ طبقة متأخّرة على كلّ نقل من نقول الطبقة المتقدّمة. فلو فرضنا أقلّ التواتر مئة والناقلون المباشرون للقضيّة كانوا مئة، فقد قالوا: إنّه لابدّ في الطبقة الثانية أن يتواتر نقل كلّ واحد من اُولئك بمئة نقل، وفي الطبقة الثالثة أن يتواتر كلّ نقل في الطبقة الثانية بمئة نقل، وهكذا الحال إلى أن ينتهي الأمر إلينا.

أقول: إنّ هذا التصوير للتواتر مع الواسطة وإن كان صحيحاً لكن وقوعه خارجاً لا يعدو عادةً أن يكون أمراً خياليّاً.

ونحن لدينا ـ بحسب مبنانا في فهم التواتر ـ صورة اُخرى للتواتر غير المباشر، وهي: أن نأخذ كلّ خبر واحد من الأخبار الذي يحكي عن القضيّة بواسطة أو بوسائط، ونضيف قيمته الاحتماليّة إلى الخبر الآخر الذي يحكي أيضاً عن القضيّة بالواسطة أو الوسائط، وهكذا تتعاضد القيم الاحتماليّة ويتضاءل احتمال الكذب والخطأ في الجميع بالضرب إلى أن يحصل العلم بسبب ذوبان الاحتمال الضئيل في النفس. نعم، حصول العلم هنا أبطأ منه في الخبر بلاواسطة؛ لأنّ القيمة الاحتماليّة للخبر مع الواسطة أضعف منها للخبر بلا واسطة. وأكثر ما تثبت لدينا من تواترات إنّما تستعمل فيها هذه الطريقة لا الطريقة الاُولى.


(1) بحث التواتر مع الواسطة أخذته ممّا نقل عن القسم الذيلم أحضره من الدورة الأخيرة.