المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

314

بصحّة الخبر أو الحكم الشرعيّ؛ إذ لو كنّا عالمين حقّاً بالتواتر أو الإجماع لعلمنا بصحّة الخبر أو الحكم الشرعيّ بلا إشكال.

ويرد عليه: أنّنا لو سلّمنا مبنى جعل الطريقيّة فنتيجته ـ كما يتّضح بمراجعة ما مضى في بحث قيام الأمارات مقام العلم ـ إنّما هي التنجيز والتعذير المترتّبين على العلم الطريقيّ، والتعبّد بالآثار الشرعيّة المترتّبة على العلم الموضوعيّ، دون التعبّد بالآثار والملازمات التكوينيّة للعلم، فمن كان علمه بحياة ولده يورث له السرور، ودلّ خبر الواحد على حياته لم يكن معنى حجّيّة هذا الخبر أن يتعبّد بكونه مسروراً ويرتّب الآثار الشرعيّة للسرور مثلاً.

الثاني: أنّه وإن لم تكن هناك ملازمة بين الإجماع أو التواتر وصحّة المصبّ ولكن تكفينا الملازمة بين العلم بالإجماع أو التواتر والعلم بصحّة المصبّ؛ لأنّ إخبار الثقة بالإجماع أو التواتر كاشف عن استعداده للإخبار بالحكم أو الخبر، وهذا الإخبار وإن لم يكن إخباراً عن الحسّ، لكنّه إخبار عن حدس يقرب من الحسّ، وهو الحدس الذي يشترك فيه جميع الناس وهو حجّة بلا إشكال. وهذا البيان إنّما يتمّ فيما إذا كان ما نقله: من الإجماع أو التواتر، بمستوى لو ثبت لأوجب لدى عامّة الناس العلم بصحّة المجمع عليه أو الخبر المتواتر، دون ما لو كان بمستوى يراه بعض الناس تواتراً مفيداً للعلم أو عدداً كافياً من آراء الفقهاء للحدس القطعيّ بالحكم، ولا يراه عامّة الناس كذلك؛ إذ عندئذ لو فرضنا أنّ الناقل كان ممّن يرى كفاية ذلك في ثبوت الحكم أو الخبر فلا يعدو إخباره عن كونه إخباراً عن حدس غير قريب من الحسّ.

ولو كان ما نقله: من الإجماع أو التواتر، بمستوى يوجب العلم لعامّة الناس بصدق الخبر أو صحّة الحكم، كفى ذلك في ثبوت الخبر والحكم، ولو فرض الناقل صدفة غير قاطع بصحّة الخبر المتواتر أو الحكم المجمع عليه لابتلائه بالوسوسة