المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

307

أنّنا قطعنا بخطئهم في نكتة إفتائهم بما أفتوا به، فلا معنى لإجراء حساب الاحتمالات لنفي الخطأ، وبالتالي لا يفيدنا إجماعهم شيئاً. وكذلك الحال فيما إذا احتملنا مدركيّة ذاك المدرك لهم، فإنّ معنى ذلك احتمال نكتة إفتائهم بما أفتوا به، ومع فرض احتمال الخطأ بالفعل لا معنى لكاشفيّة الإجماع. نعم، قد ينفعنا حساب الاحتمالات لنفي مدركيّة هذا المدرك، ونستبعد كون جميعهم معتمدين على هذا المدرك الفاسد، وعدم التفاتهم جميعاً ـ من باب الصدفة ـ إلى فساده(1).

وإذا لم نجد ما نحتمل كونه مدركاً للمجمعين فهنا قد يكشف إجماعهم بحساب الاحتمالات عن مدرك صحيح لم يصلنا وبه يثبت الحكم. وتوضيح ذلك(2): أنّنا إذا افترضنا أنّ علماء الإماميّة في عصر الغيبة الصغرى، أو بعده إلى فترة، كزمان المفيد والطوسيّ ممّن يعبّر عنهم بـ (قدماء الأصحاب) قد أجمعوا على رأي واحد ولم نجد لهم مدركاً، فعندئذ يقال: إنّه ليس من المحتمل إفتاء هؤلاء بلا مدرك، فإذا لم يكن من المحتمل غفلة هؤلاء عن أنّ هذا الرأي لا يكون موافقاً للقاعدة كي لا


(1) كما أنّه قد ينفعنا حساب الاحتمالات لإثبات صحّة المدرك الذي تمسّكوا جميعاً به إذا كنّا شاكّين في صحّته وفساده.

وأفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) فيما لم أحضره في دورته الأخيرة ـ على ما هو منقول عنه ـ: أنّ كشف الإجماع عن صحّة المدرك الذي تمسّكوا به يبتلي غالباً ببعض نقاط الضعف السابقة. نعم، لو افترضنا أنّ حدوس الفقهاء في المسألة كانت قريبة من الحسّ لكان للتمسّك بذلك وجه، كما إذا استظهروا جميعاً من اللفظ معنىً واحداً من دون إعمال قواعد التعارض والكبريات الظهوريّة المعقّدة، ففي مثل ذلك يحصل الوثوق عادةً بذاك الظهور لولا وجود نكتة خاصّة تمنع عن حصول الوثوق.

(2) من هنا إلى آخر بحث الإجماع المحصّل مأخوذ ممّا نقل عنه (رضوان الله عليه) ممّا لم أحضره في دورته الأخيرة.