المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

304

الطوسيّ(رحمه الله) الذي ذكر في أوّله: «أنّ العامّة كانوا يعيبون على الشيعة بعدم كتاب لهم في التفريعات». إذن فلا تستبعد غفلة العلماء جميعاً قبل تأريخ كتاب المبسوط عن نكتة الترتّب التي كان المفروض وصول سير خطّ التفكير الاجتهاديّ إليه بعد حين.

ولا يتوهّم أنّ النكتة الاُولى من هذه النكات الخمس ـ وهي ضعف احتمال الخطأ أساساً في الحسّ وقوّته في الحدس ـ يجب أن ترجع إلى النكات الاُخرى وليست نكتة مستقلّة، فإنّه وإن كان احتمال الخطأ في الحدس أقوى منه في الحسّ، ولكن السبب في ذلك إنّما هو باقي النكات، فلولا عدم إحراز المقتضي للإصابة في باب الحدس واحتمال نكتة عامّة للخطأ في الجميع وغير ذلك، لما كان هناك مبرّر لكون احتمال الخطأ في الحدس أقوى منه في الحسّ.

ولكن الواقع: أنّ المقصود بالنكتة الاُولى التي بيّنّاها هو أنّ الحدس والحسّ هما منظاران ينظر بهما إلى الواقع، والثاني أصفى من الأوّل بكثير بقطع النظر عن باقي النكات. فلنفرض مورداً يكون المقتضي فيه للإصابة محرزاً ويكون الكلام بشأن رأي شخص واحد لا أشخاص عديدة، كي تتأتّى مسألة النكتة العامّة لكلّ الأخطاء، أو تعدّد الدوائر التي وقعت فيها الأخطاء ويكون الكلام في رأي أوّل شخص، كي لا تأتي مسألة الاعتماد على رأي الآخرين، ومع ذلك كلّه يكون احتمال الاشتباه في باب الحدس أقوى منه في باب الحسّ باعتبار أنّ منظار الحسّ أصفى من الحدس، وأنّ الغفلة في باب الحدس أقرب إلى النفس منها في باب الحسّ، كما علم ذلك بالتجربة.

ولا ينبغي إغفال نكتة سادسة في تقييم الإجماع في غاية الأهمّيّة أيضاً، وحسابها بحاجة إلى مزيد تعب في الفحص والتتبّع، وهي: أنّ الإجماعات المتأخّرة عن الشيخ الطوسيّ(رحمه الله) معتمدة على الإجماعات السابقة، والإجماعات