المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

303

الخامس: أنّ احتمال وجود نكتة مشتركة تكون بحيث لو تمّت تفسّر لنا مجموع الصدف يقلّل من استبعاد اجتماع تلك الصدف، فاحتمال اقتران موت زيد بموت عمرو، وبموت بكر، وخالد وغيرهم في وقت واحد يقلّ ضعفه حينما عرفنا ـ مثلاً ـ أنّهم كانوا في سيّارة واحدة، وأنّه من المحتمل موتهم جميعاً بحادث اصطدام، وهذا يفسّر لنا فرقاً آخر بين باب الحسّ وباب الحدس، ففي باب الحسّ قلّما يتّفق فرض نكتة مشتركة يحتمل كونها هي السبب في خطأ الكلّ، كما لو احتملنا أنّ هؤلاء الذين أخبرونا برؤية زيد في مكان خاصّ أخطأوا جميعاً، بنكتة أنّ عمراً تشبّه بزيد وارتدى زيّه ولبس ثيابه وحضر ذاك المكان، أو بنكتة أنّ أخاً لزيد يشبهه تماماً قد حضر ذاك المكان، ففي الغالب لا توجد نكتة عامّة من هذا القبيل توجب خطأ الجميع في الحسّ، وحينما توجد يخفّ ضعف احتمال خطئهم جميعاً، بينما في باب الحدس والاجتهاد يكثر وجود نكتة عامّة توجب خطأ الجميع، وهي عبارة عن نقطة سير الفكر البشريّ في خطّ الاجتهاد والحدس، أو مستوى قوّتهم الفكريّة، أو ظروفهم المشتركة ومعلوماتهم العامّة التي كانوا يعيشونها جميعاً ونحو ذلك، فلو أجمع العلماء الأقدمون على حكم يكون مقتضى قاعدة الترتّب خلافه، فإجماعهم لا يدلّ على ثبوت الحكم على خلاف القاعدة تعبّداً؛ لعدم استبعاد غفلتهم جميعاً عن قاعدة الترتّب بحسب نقطة السير في التفكير التي وصلوا إليها في ذاك الزمان، باعتبار أنّ الترتّب إنّما التفت إليه ـ بحسب سير التأريخ ـ بعد الالتفات إلى باب التزاحم والفرق بينه وبين باب التعارض، ممّا دعا العلماء إلى التفكير في الوظيفة لدى التزاحم وحلّ مشكلاته، فاتّجهت أنظارهم إلى الترتّب، كما أنّ الالتفات إلى التزاحم أيضاً كان متفرّعاً على تولّد التفريعات في الفقه والتوسّع في ذلك ممّا يؤدّي إلى الالتفات إلى موارد تزاحم الأحكام في الفروع. ولعلّ أوّل كتاب كتب في التفريعات هو كتاب المبسوط للشيخ