المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

301

 

أهمّ الفروق بين الإجماع والتواتر:

والسرّ في كون تضاؤل احتمال الخطأ في باب الإجماع أبطأ منه في باب الإخبار اُمور عمدتها خمسة:

الأوّل: أنّ أصل الاحتمال الذي يتدرّج في الضعف بحسب ترتيب الضرب بين القيم الاحتماليّة ـ وهو احتمال الاشتباه ـ يكون في باب الاجتهاد والحدس أقوى بكثير منه في باب الحسّ؛ وذلك لحساب احتمالات سابق في كلا البابين، وهو: أنّ أسباب الخطأ في باب الحسّ نادرة، وأسباب الخطأ في باب الحدس والاجتهاد كثيرة.

الثاني: أنّ الاشتباهات حينما تصبّ على مصبّ واحد يكون اجتماعها أضعف منه(1) حينما تصبّ على اُمور متفرّقة، فلو أخبر ثلاثة أشخاص عن كون قبّة معيّنة حمراء ـ مثلاً ـ كان احتمال خطئهم أبعد في الوجدان من احتمال خطأ ثلاثة أشخاص كلّ في إخباره بلون قبّة غير القبّة التي أخبر عنها الآخران.

وهذا يكوّن فارقاً بين باب الحدس وباب الحسّ، ففي باب الإخبار عن الحسّ تكون الاشتباهات غالباً في دائرة واحدة، فلو أخبر جمع كثير عن رؤية زيد في مكان خاصّ فاشتباههم عبارة عن خطأ الكلّ في دائرة واحدة، وهي الصورة التي تنتزع من زيد، أمّا توافق جمع كثير على لزوم قراءة السورة في الصلاة ـ مثلاً ـ إن كان خطأ، فمن المحتمل أن يرجع إلى أخطاء متفرّقة في دوائر عديدة؛ لكثرة المقدّمات الدخيلة في استنباط الرأي، فقد يخطأ هذا في مقدّمة، ويخطأ ذاك في مقدّمة اُخرى، فهذا يتخيّل ـ مثلاً ـ حديثاً مّا صحيحاً سنداً بينما كان ذاك الحديث


(1) هذا إشارة إلى المضعّف الكيفيّ المشروح في كتاب الاُسس المنطقيّة للاستقراء.