المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

298

 

كشف الإجماع عن الدليل التعبّديّ

المقام الثاني: يبحث فيه ـ بعد إضافة ما حوّلناه في المقام الأوّل إليه ـ عن صحّة ما انعقد عليه الإجماع، سواء كان عبارة عن واقع الحكم، أو عن جامع الوظيفة، ونقصد بصحّة الحكم المعنى المناسب أيضاً لفرض قيام الحجّة على الحكم، وطريق الاستدلال على كاشفيّة الإجماع في هذا المقام هو العقل النظريّ.

وقد ذكر الأصحاب: أنّ الإجماع يكشف عن صحّة ما انعقد عليه لو تمّت بينهما ملازمة عقليّة أو عاديّة أو اتّفاقيّة، ومثّلوا للملازمة العقليّة بالتلازم بين التواتر وصحّة الخبر، وللعاديّة بالتلازم بين اتّفاق ا على شيء ورأي رئيسهم؛ إذ عادةً لا يصدر الاتّفاق منهم على شيء إلّا عن رأي الرئيس، وللاتّفاقيّة بالتلازم بين الاستفاضة وصحّة الخبر. وإذا آمنّا بالملازمة الاتّفاقيّة بين الإجماع وصحّة متعلّقه فهو لا يكشف عن صحّة متعلّقه دائماً، كما هو الحال على الفرضين الأوّلين، بل يكشف عنها أحياناً، كما هو الحال في باب الاستفاضة التي قد تورث القطع بمتعلّقها، وقد لا تورث ذلك على اختلاف الموارد والخصوصيّات.

أقول: ما ينبغي أن يقصد بكلمة الملازمة العقليّة والعاديّة والاتّفاقيّة يجب أن يكون هو التقسيم بلحاظ مصبّ الملازمة لا بلحاظ ذات الملازمة وحقيقتها. توضيح ذلك: أنّ الملازمة في الحقيقة دائماً عقليّة، فهي دائماً تكون على أساس العلّيّة والمعلوليّة وهي عقليّة لا محالة، وملازمة شيء لشيء تعني استحالة انفكاكه عنه. نعم، يختلف الأمر باختلاف مصبّ الملازمة بالقياس إلى ما يؤخذ بعين الاعتبار، فتارةً يفترض أنّ الملازمة وقعت بين ذات الشيء وشيء آخر بلا قيد أو شرط، كاستلزام وجود جسم في مكان لعدمه في مكان آخر، وهذه نسمّيها بالملازمة العقليّة، واُخرى يفترض أنّ استلزامه للشيء الآخر مشروط بشرائط وخصوصيّات. وعندئذ تارةً يفترض أنّ تلك الشرائط والخصوصيّات مقترنة