المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

291

المطلوب قبلها، ولو لم يثبت ذلك في الرتبة السابقة على اللطف إذن أمكن الجواب على شبهة الطاعن على الدين بأنّ هذا إشكال على فتاوى العلماء، ولم يعلم كون رأي الدين متمثّلاً في هذه الفتاوى، فلعلّ رأي الدين يخالف رأي هؤلاء العلماء جميعاً.

الثاني: أنّنا عرفنا بالتجربة أنّ الله تعالى جرت عادته على التلطّف بعباده بعدم حجب المصالح التشريعيّة عنهم، ولذا نرى أنّه أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وجعل أوصياء للرسل، وأمر العلماء بتبليغ الأحكام، والجهلاء بتعلّم الأحكام وما إلى ذلك، ومن هنا نعلم أنّ الحكم المجمع عليه لو كان باطلاً، لتلطّف على عباده بإظهار خلافه.

ويرد عليه: أنّ التجربة في حدود ما رأيناه من سدّ أبواب العدم من ناحية عدم إرسال الرسل والكتب، وجعل الأوصياء، وإيجاب التبليغ على العلماء والتعلّم على الجهّال لا تدلّ على بنائه تعالى على سدّ الباب الناتج من قصور الناس أو تقصيرهم في تلقّي الأحكام وإيصالها للآخرين. هذا مضافاً إلى إشكالات اُخرى تظهر ممّا سبق(1).

 

2 ـ الكشف على أساس العقل النظريّ:

وأمّا المبنى الثاني ـ وهو مبنى كشف الإجماع عن واقع الحكم على أساس العقل النظريّ ـ: فهو يتمّ عند تماميّة فرضين:

الأوّل: أن يعلم ـ ولو بتصريح المجمعين ـ أنّ مصبّ الإجماع هو واقع الحكم لا جامع الوظيفة الملائم لواقع الحكم ولثبوت الحجّة التعبّديّة عليه.

والثاني: أن يكون الحكم المجمع عليه بنحو لو كان الواقع خلافه، لشاع ذلك الواقع وذاع؛ لتوفّر الدواعي إلى ذلك، وقد مرّ توضيح قوانين هذه الفكرة في بحث السيرة.


(1) يظهر ممّا سبق أنّ سدّ أكثر أبواب العدم التي سدّت كان مؤثّراً في المصلحة التي هي في طول الحكم، وهي مصلحة التعبّد والانصياع للمولى، واحتمال الفرق بين هذه المصلحة والمصلحة التي تكون قبل الحكم موجود.