المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

289

جهيد ـ من الوصول إلى الحقّ، أو تدّعى كفاية إيصال الحقّ إلى بعض الناس وإن لم يكن بالشكل الذي يتمكّن كلّ واحد منهم من الوصول إليه ولو بالجهد الكثير؟

فإن قصد الثاني ورد عليه: أنّ نكتة وجوب اللطف إنّما هي العبوديّة والحاجة، وهما ثابتتان في تمام الأفراد على حدّ سواء، فلا معنى لوجوب اللطف بالنسبة إلى فرد دون فرد، ولا بالنسبة إلى فرد واحد على البدل، فإنّ عنوان اجتماع الناس على الخطأ ليس فيه محذور آخر غير محذور خطأ نفس الأفراد.

وإن قصد الأوّل فهذا لطف ثابت بشأن الجميع على حدّ سواء ولكن يلزم من ذلك: أن يحصل للفقيه القطع كثيراً بأنّ ما أثبته بمثل الأصل العمليّ أو الأمارة التعبّديّة مطابق للحكم الواقعيّ، فمتى ما تيقّن الفقيه بأنّه لو كان هناك دليل حاكم ـ مثلاً ـ على ما توصّل إليه من الأصل أو الأمارة، فهو عاجز عجزاً تامّاً عن الوصول إليه، أو تيقّن أنّه لا يوجد دليل حاكم عليه كي يمكن لأحد الوصول إليه، وأنّ من أفتى بخلاف ذاك الأصل أو الأمارة فقد أخطأ فيما تخيّله: من عدم كون المورد مورداً لذاك الأصل أو تلك الأمارة، لزم أن يحصل له القطع بأنّ مفاد هذا الأصل أو تلك الأمارة مطابق للحكم الواقعيّ. وهذا ممّا لا يلتزم به أحد.

وأيضاً لو عرف المجتهد أنّ القول في المسألة الفلانيّة للعلماء منحصر في رأيين، فنظر في أحدهما فحصل له العلم بأنّه ليست هناك نكتة صحيحة تعيّنه، لزم من ذلك أن يحصل له القطع بصحّة القول الآخر وموافقته للواقع بلاحاجة إلى مراجعة مدركه والتأمّل فيه؛ إذ المفروض أنّه لابدّ أن يوجد في الأقوال قول صحيح ذو نكتة ترشد كلّ مَن طلبها وبذل جهده الكامل في سبيلها إلى الواقع. وهذا ـ كما ترى ـ ممّا لا يلتزم به.

ويمكن تقريب الاستدلال باللطف في باب الإجماع بوجهين آخرين:

الأوّل: أن يقال: إنّه كما يجب على الله إرسال الرسل وتشريع الأحكام كذلك