المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

278

الطلب: إنّ هذا جامع بين الفرد الشديد وهو الوجوب، والفرد الضعيف وهو الاستحباب، فإن أراد المولى الفرد الشديد فقد بيّن بالأمر الدالّ على الطلب تمام مراده؛ لأنّ شدّة الطلب من سنخ الطلب، وإن أراد الفرد الضعيف لم يبيّن تمام مراده؛ لأنّ ضعف الطلب ليس طلباً ولم يبيّنه، وبما أنّ الأصل هو كون المتكلّم في مقام البيان إذن يحمل طلبه على الوجوب. وهذه صناعة لو تمّت فبعد فرض تماميّتها لا نحسّ ظهوراً في صيغة افعل من ناحية هذه الصناعة في الوجوب، فنعرف أنّ كبرى مقدّمات الحكمة فيها تخصيص، بمعنى أنّ كون ظهور حال المتكلّم في كونه في مقام بيان تمام المراد إنّما هو بمعنى كونه في مقام بيان ما هو تمام المراد بحسب المتفاهم العرفيّ، لا ما هو تمام المراد بحسب الدقّة الفلسفيّة.

وأمّا بلحاظ الدلالة الالتزاميّة: فبعد فرض التوافق على الدلالة المطابقيّة يمكن إقامة البرهان على الملازمة لإثبات الدلالة الالتزاميّة، فهذا إثبات لدلالة التزاميّة بالصناعة والفنّ. ومثاله ما ذكر في الكفاية لإثبات مفهوم الشرط، وقد أبطله صاحب الكفاية، ونحن لا شغل لنا هنا بصحّته وبطلانه، وإنّما المقصود توضيح الفكرة من خلال هذا المثال، وهو ما قد يقال: من أنّ القضيّة الشرطيّة تدلّ على العلّيّة الانحصاريّة، فيثبت بذلك المفهوم، ويستدلّ على ذلك بأنّ مقتضى إطلاق القضيّة كون الشرط علّة سواء سبقه شيء أو قارنه، أو لم يسبقه ولم يقارنه، فإذا كان هذا الظهور الإطلاقيّ مسلّماً قلنا: إنّ هذا يستلزم انحصار العلّيّة، والبرهان على هذا الاستلزام هو: أنّه لو كان للعلّة المذكورة في القضيّة الشرطيّة بديل لما كانت العلّة عند سبقه على الشرط أو اقترانه معه هي الشرط، بل ذاك البديل أو مجموعهما، بينما فرضنا أنّ مقتضى الإطلاق كون الشرط علّة للجزء سواء سبقه