المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

277

أنّه يجب أن تكون هذه الصناعة بحيث من يلتفت إليها يستظهر بعد فرض الإيمان بها الإطلاق من الدليل كما هو الحال في مثال استصحاب العدم الأزليّ، فإنّه يستظهر على فرض صحّة الصناعة الماضية في المقام دخول استصحاب العدم الأزليّ في إطلاق الدليل. أمّا لو فرض أنّه حتّى بعد الالتفات إلى الصناعة وفرض صحّتها لم نستظهر من الدليل الإطلاق فعندئذ نحتمل تخصيص أصل كبرى مقدّمات الحكمة، وهذا الاحتمال لا دافع له إلّا الظهور الفعليّ(1)، والمفروض أنّه غير موجود في المقام. مثال ذلك: الصناعة المعمولة في إثبات الوجوب بصيغة (افعل) من ناحية مقدّمات الحكمة بأن يقال بناءً على كونها موضوعة لجامع


(1) أفاد (رضوان الله عليه): إنّ نظرنا فيما ذكرناه هنا إلى ما لو كان عدم تحقّق الظهور الفعليّ لدينا ناتجاً عن خفاء الظهور اللغويّ في هذا المورد، وعدم كونه في الجلاء كسائر الموارد لأجل توقّف الإطلاق ـ مثلاً ـ على بعض صناعات غير محتاج إليها في الموارد المتعارفة أو لأيّ نكتة اُخرى، فعندئذ نقول: إن لم نشعر بالظهور حتّى بعد الالتفات إلى تلك الصناعة فلا محالة نحتمل أنّ هذا القسم من الإطلاق ـ مثلاً ـ غير معتبر عند العرف. وأمّا إذا كان وجه عدم الإحساس شيئاً آخر من اُمور نفسيّة خاصّة وظروف خارجيّة أثّرت في النفس فعندئذ قد يمكن إثبات الظهور بالصناعة حتّى مع فرض عدم الإحساس به بعد الالتفات إلى تلك الصناعة، وذلك بأن يقاس المورد الذي لا نحسّ فيه بالظهور بمورد آخر نقطع فيه بالظهور، وتستعرض الجهات التي يحتمل بالمناسبات دخلها في ثبوت هذا الظهور وعدمه، ويُوضّح عدم الفارق بين الموردين في تلك الجهات إلى أن يظهر أنّه لا توجد أيّ جهة توجب اختلاف هذا المورد الذي قطعنا فيه بالظهور عن المورد الذي لم نحسّ فيه بذاك الظهور، فيثبت أنّ عدم إحساسنا بالظهور في ذلك المورد مستند إلى أمر شخصيّ لا إلى قوانين اللغة العامّة، وأنّ هذا الظهور بحسب قوانين اللغة العامّة ثابت.