المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

271

احتمال القرينة إلى احتمال وجود القرينة واحتمال قرينيّة الموجود، وكما يفصّل هناك بينهما كذلك نفصّل هنا بينهما، فلو شككنا في أصل وجود سبب للتغيّر، ونقصد بذلك الشكّ في وجود ما من شأنه إثبات التغيّر في اللغة، كما لو رأينا كلمة (دابّة) مثلاً في زماننا تدلّ على حيوان مخصوص، وشككنا أنّها في عصر النصوص هل كانت تدلّ على نفس المعنى، أو كانت بمعنى مطلق ما يدبّ على الأرض؟ ثُمّ وجد سبب لا نعرفه لتغيّر اللغة، جرت أصالة الثبات على أساس أنّ العقلاء يتخيّلون ـ ولو على اُسس خاطئة ـ أنّ التغيّر خلاف طبع اللغة وأنّه حالة نادرة استثنائيّة، فحساب الاحتمالات يكشف كشفاً نوعيّاً عن عدمه. هذا بخلاف ما لو شككنا في سببيّة الموجود للتغيّر، ونقصد بذلك ما لو وجدت في عصر الصدور ظروف وخصوصيّات من شأنها أن يكون ظهور الكلمة في ذلك العصر غير الظهور الذي نفهمه الآن، ولكن مع ذلك احتملنا عدم حصول التغيّر لأسباب وخصوصيّات غير معلومة لدينا، فهنا لا حجّيّة لأصالة عدم التغيّر؛ لعدم وجود ذلك الكشف النوعيّ مادام هناك ما من شأنه إثبات التغيّر. ومن هذا القبيل كلمة (الرأي) الواردة في النهي عن العمل بالرأي أو تفسير القرآن بالرأي، فلو فرضنا: أنّنا لا نفهم من هذه الكلمة الآن إلّا المعنى العقليّ لهذه الكلمة، لكنّنا نحتمل أنّه في عصر الأئمّة(عليهم السلام) كان للكلمة ظهور في الرأي بالمعنى الاصطلاحيّ، أي: الأخذ بالحدسيّات والتخمينات كالقياس والاستحسان ونحو ذلك، وكان هذا الاحتمال ناشئاً من العلم بظرف معيّن هو ظرف هذا الاحتمال، فنحتمل أنّ شيوع هذا الاصطلاح وتداوله بين الألسن بلغ إلى درجة كسب هذه الكلمة ظهوراً عامّاً في هذا المعنى، ففي مثل هذا الفرض لا حجّيّة لأصالة عدم التغيّر.