المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

27

المقدّمة بل تصدّيه لخلافها وجعل أصالة البراءة مثلاً.

أقول: إنّ تعدّد الجهات يتصوّر في طرف الوجود بلحاظ الأجزاء؛ لانبساط وجوده على الأجزاء، ولكن لا يتصوّر بلحاظ المقدّمات إلّا في طرف العدم دون طرف الوجود؛ لأنّ الشيء لاتتعدّد جهة وجوده بتعدّد مقدّماته وأجزاء علّته، وإنّما التعدّد ثابت في ناحية العدم، فإنّه يشترط في وجود الشيء وجود مجموع أجزاء علّته، ولكن يكفي في عدمه عدم واحد منها، فعدم أيّ جزء من أجزاء العلّة باب من أبواب عدم المعلول.

فلكي يرجع هذا الوجه إلى وجه معقول نسبيّاً ينبغي أن يكون المراد منه: افتراض أنّ إرادة المولى تعلّقت بسدّ باب عدم الشيء من ناحية خاصّة دون سدّ باقي أبواب عدمه، فأحد أبواب عدم الواجب كان هو عدم إبراز المولى لإرادته بالخطاب الواقعيّ، وقد سدّه، أمّا الباب الآخر وهو عدم إيصال الحكم إلى العبد بجعل الاحتياط مثلاً، فلم يسدّه؛ لعدم تعلّق إرادته بسدّ كلّ الأبواب، بل تعلّقت إرادته بما ينافي سدّ هذا الباب ويبقيه مفتوحاً على مصراعيه بجعل أصالة البراءة مثلاً.

فلو اُرجع هذا الوجه إلى البيان الذي بيّنّاه، فجوابه الفنّيّ أن يقال: إنّه إذا فرض تعلّق إرادة المولى بسدّ باب عدم صلاة الجمعة ـ مثلاً ـ من ناحية عدم إبرازه لإرادتها، فقد فرضت في المرتبة السابقة على إرادة سدّ باب العدم إرادة اُخرى متعلّقة بوجود الصلاة، فيقع الكلام في هذه الإرادة المتعلّقة بوجود الصلاة، فإن اُرجعت هذه الإرادة أيضاً إلى إرادة سدّ باب عدم صلاة الجمعة من ناحية عدم إبراز إرادة الصلاة، فقد فرضنا مرّة اُخرى في المرتبة السابقة إرادة متعلّقة بوجود الصلاة، وهكذا إلى أن يتسلسل أو نستقرّ على إرادة متعلّقة بوجود الصلاة، وإذا استقررنا على إرادة متعلّقة بوجود الصلاة وقعت المنافاة بين الحكم الواقعيّ