المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

269

الفراغ عن تصوّره وتصديقه، ومعرفة الاستدلال عليه بالسيرة العقلائيّة، ونكتة انعقاد السيرة:

الأمر الأوّل: أنّ هذا الأصل إنّما يجري إذا شكّ في أصل التغيّر، أمّا إذا علم بالتغيّر وشكّ في تأريخه فهذا غير جار في المقام كما اُشير إليه في الكفاية. فإذا شكّ أنّ الصلاة ـ مثلاً ـ هل نقلت من المعنى اللغويّ إلى المعنى الشرعيّ في زمن النبيّ(صلى الله عليه وآله)حتّى تكون حقيقة شرعيّة، أو نقلت في عصر الأئمّة(عليهم السلام) أو عصر الغيبة، فلا تجري أصالة عدم النقل أو أصالة الثبات في اللغة، ونكتة ذلك بناءً على توضيحاتنا الماضية لهذا الأصل في غاية الوضوح، فإنّنا بيّنّا أنّ هذا الأصل قام على أساس أن كلّ فرد في تجربته المعاشيّة لم ير تطوّراً وتغيّراً في اللغة، فيرى أنّ تغيّر اللغة كأنّه على خلاف الطبع وحالة استثنائيّة، وهذه أمارة بحساب الاحتمالات على عدم التغيّر. أمّا إذا أحرز تحقّق هذه الحالة الاستثنائيّة وشكّ في تأريخها فأماريّة كون التغيّر على خلاف الطبع لا موضوع لها هنا، ولا توجد نكتة اُخرى مركوزة في ذهن العقلاء تكون ملاكاً للكشف عن تأخّر هذا التغيّر أو تقدّمه، فلو حكم العقلاء هنا بالتقدّم أو التأخّر لكان ذلك حكماً تعبّديّاً صرفاً، بينما الأصل الموضوعيّ المتّفق عليه هو أنّ الاُصول اللفظيّة والأمارات العقلائيّة كلّها بملاك الكشف لا بملاك التعبّد(1).

 


(1) قد يقال في مثل هذا المورد باستصحاب عدم النقل أو عدم التغيّر إلى حين العلم بذلك، وأنّ هذا الاستصحاب أوسع دائرة من تلك الأمارة العقلائيّة، فيجري حتّى في المورد الذي لا تجري أصالة الثبات كأمارة عقلائيّة. ونقل عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) فيما لم أحضره في الدورة الأخيرة الجواب على هذا الاستصحاب بأنّ الصحيح عدم جريان الاستصحاب؛ لأنّ لتقريبه صيغتين: