المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

268

نعم، إنّما يكون قوله حجّة للعاميّ، أي: لمن لا يتمكّن من استعمال وسائل التوصّل إلى النتيجة بالفعل، كما أنّ قول المجتهد لا يكون حجّة لمجتهد آخر، وإنّما يكون حجّة بالنسبة للعاميّ، فلو فرض أنّ اللغويّ كتب أدلّته، وجمع الموارد التي استند إليها، وبيّن طريقة استنباطه للنتيجة، وكان لأحد ملكة الاستفادة من هذه المطالب، فليس قوله حجّة بالنسبة له؛ إذ بالإمكان أن يرجع إلى نفس تلك الوسائل ويستنبط منها النتيجة، ولو وجدنا أنّ اللغويّ يقول ـ مثلاً ـ بأنّ كلمة (لعلّ) للتمنّي، لكنّنا رأينا أنّ هذا غير صحيح؛ لأنّنا انتزعنا من جميع موارد استعمالها معنىً آخر أدقّ من هذا بحيث يشمل تمام الموارد، فكلام اللغويّ ليس حجّة لنا، فإنّ السيرة العقلائيّة الدالّة على الرجوع إلى استنباط أهل الخبرة إنّما دلّت على رجوع العاميّ إلى الخبير، لا على رجوع الخبير إلى الخبير.

 

3 ـ أصالة عدم النقل:

الطريق الثالث لإثبات الظهور: هو التمسّك بأصالة عدم النقل بحسب مصطلح المشهور، وأصالة ثبات اللغة بحسب مصطلحنا، وهذا الأصل طريق لإثبات الظهور في عصر صدور الكلمة، وقد مرّ فيما سبق بيانه وكيفيّة الاستدلال عليه بالسيرة، واكتشاف نكتة هذه السيرة، وهي الثبات النسبيّ الذي يحسّ به الفرد في اللغة بحدود العمر القصير، وهنا نريد أن ننبّه على اُمور ترجع إلى هذا الأصل بعد


الإجماليّ بصدق بعض شهادات اللغويّين، ولا يمكن الاحتياط في ذلك ـ بحسب الفرض ـ بالأخذ بتمام شهاداتهم، فتصل النوبة إلى الاكتفاء بموارد حصول الظنّ بصحّة شهاداتهم.