المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

262

المعنى المجازيّ من أهل الخبرة؛ بدليل أنّهم لم يتصدّوا لتحقيق هذا المطلب فيكتبهم وبياناتهم، ولو كانوا من أهل الخبرة في ذلك لسجّلوا نتائج خبراتهم في بحوثهم.

والثاني: أنّ أهل اللغة لا يمكنهم أن يكونوا من أهل الخبرة في تمييز المعاني الحقيقيّة عن المجازيّة؛ إذ لا توجد لديهم الوسائل التي تمكّنهم من هذه الخبرة؛ إذ ليست لديهم وسيلة عدا الاستماع إلى موارد الاستعمال وتجميعها، ومن المعلوم أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة.

أقول: التحقيق عدم إمكان المساعدة على أكثر هذه الكلمات:

أمّا عدم ترتّب الأثر على نقل اللغويّ لمورد الاستعمال لأنّ الذي يهمّنا هو الظهور ومعرفة الحقيقة، فيرد عليه: إنّنا لو قلنا بحجّيّة قول اللغويّ في ذلك لترتّب عليه الأثر في الاستنباط من النصوص الشرعيّة في فروض عديدة:

أحدها: أن نفرض أنّنا عرفنا أنّ اللفظ الفلانيّ لم يستعمل إلّا في المعنى الواحد الفلانيّ ولكن التردّد كان في حدود ذلك المعنى المستعمل فيه، كما لو عرفنا أنّ لفظ (الصعيد) لم يستعمل إلّا في معنى واحد محدود بحدود خاصّة، وهو المعنى الحقيقيّ الظاهر منه، وشككنا في أنّ هذا المعنى الواحد هل هو عبارة عن التراب، أو مطلق ما على وجه الأرض؟ فنأخذ بقول اللغويّ الناقل للمعنى المستعمل فيه، وهذا ليس من الرجوع إلى قول اللغويّ في تشخيص الحقيقة.

ثانيها: أن نعرف أنّ لهذا اللفظ معنى ولا نعرف أنّ له عدّة معاني شكّ في الحقيقة منها من المجاز، واللغويّ قد نقل لنا: أنّ هذا اللفظ لم يستعمل إلّا في المعنى الفلانيّ، فلابدّ أن يكون هو المراد من النصّ، ومن البعيد جدّاً أن يكون له معنيان وموردان للاستعمال ومع هذا يخفى أحدهما على اللغويّ.