المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

26

الخراسانيّ(رحمه الله)، فواضح؛ لفرض عدم الإنشاء. وأمّا بناءً على كونه اعتباراً نفسانيّاً، فلأنّ ثبوته لغو صرف؛ لأ نّا لا نحتمل وجود ملاك في نفسه، وفي باب الإنشاء كان يوجد هذا الاعتبار تحفّظاً على الجهة اللغويّة؛ إذ المفروض أنّ الإنشاء موضوع لإبراز ذلك، أمّا مع انتفاء الإنشاء فلا وجه لإيجاد هذا الاعتبار أصلاً(1).

الوجه الرابع: ما نسب إلى المحقّق العراقي(رحمه الله)، وهو التبعيض في مبادئ الحكم. توضيحه: إنّه كما أنّ الشيء المركّب من أجزاء قد تتبعّض فيه مبادئ الحكم: من الملاك والإرادة، فيكون الملاك والإرادة متعلّقين به من جهة الجزء الأوّل مثلاً، أو قل: إنّ الملاك والإرادة متعلّقان بالجزء الأوّل لا بكلّ المركّب، كذلك يمكن افتراض جهات عديدة للوجود بعدد مقدّماته وتبعّض المبادئ بلحاظها، فقد تتعلّق إرادة المولى بذاك الوجود بقدر المقدّمة الفلانيّة دون سائر المقدّمات، فمن مقدّمات حصول واجب مّا من العبد إبراز المولى طلبه لذلك بالخطاب الواقعيّ، ومنها إيصال الحكم إلى العبد بجعل الاحتياط أو غيره، فلذاك الواجب جهتان من الوجود باعتبار هاتين المقدّمتين، فمن الممكن أن تتعلّق إرادة المولى بخصوص الجهة الاولى من جهتي وجوده، وهذا إنّما يستدعي إبراز المولى طلبه بالخطاب الواقعيّ وقد فعل، أمّا إيصال ذلك إلى العبد فالمفروض عدم تعلّق إرادة المولى بجهة وجود الواجب من ناحيته، فلا محذور في عدم تصدّي المولى لإيجاد هذه


(1) لا نكتة لوضع الإنشاء لإبراز ذاك الاعتبار دون إبراز مبادئ الحكم رأساً إلّا افتراض أنّ هذا طبع عقلائيّ واُسلوب يعتمدونه لتنظيم أحكامهم وصياغتها في صيغة عقلائيّة. ولو صحّ هذا الكلام فالإخبار عن الحكم سيكون إخباراً عن هذا الاعتبار. نعم، لو كان دليلنا على افتراض إنشاء شيء وراء الحبّ والبغض كون الإنشاء إيجاداً ولا يمكن إيجاد الحبّ والبغض بالإنشاء، فهذا الدليل لايرد في الإخبار. فهذا الإشكال وارد على المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) مبنائيّاً.