المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

252

مجموع قوانين اللغة، واحتمال قرينيّة المتّصل يساوق احتمال عدم كون مقتضى قوانين اللغة إرادة المعنى الفلانيّ، فكما أنّ احتمال قرينيّة المتّصل ينافي الحجّيّة بناءً على مبنى المشهور: من كون موضوع الحجّيّة هو الظهور الفعليّ، كذلك ينافيها بناءً على مبنانا: من كون موضوع الحجّيّة هو الظهور اللغويّ، على فرق بين المبنيين، وهو: أنّه على مبنى المشهور يقطع بعدم الظهور عند احتمال قرينيّة المتّصل؛ إذ ترى وجداناً عدم انسباق المعنى الفلانيّ إلى الذهن؛ لمنع وجود محتمل القرينيّة عن هذا الانسباق، وعلى مبنانا لا يساوق احتمال قرينيّة المتّصل القطع بعدم الظهور، بل يساوق الشكّ في الظهور؛ إذ على تقدير عدم قرينيّته في الواقع يكون الظهور اللغويّ محفوظاً في المقام، وعلى أيّ حال، فالكلام يسقط عن الحجّيّة؛ إذ لا فرق في ذلك بين فرض القطع بعدم الظهور وفرض الشكّ في ذلك.

والفرق بين هذين المبنيين قد يؤدّي بنا إلى بعض ثمرات عمليّة، كما لو قال المولى: (يجب إكرام كلّ عالم ولا يجب إكرام زيد)، وتردّد المقصود بـ (زيد) بين زيد العالم وزيد الجاهل، وقال أيضاً: (يجب إكرام كلّ شاعر ولا يجب إكرام عمرو)، وتردّد المقصود بـ (عمرو) بين عمرو الشاعر وعمرو غير الشاعر، فدار أمر الدليلين في هذين الكلامين بين التخصيص والتخصّص، ولنفرض أنّنا علمنا إجمالاً بأنّ أحدهما تخصيص والآخر تخصّص(1)، وعندئذ إن قلنا بمسلك المشهور: من أنّ موضوع الحجّيّة هو الظهور الفعليّ، فهنا لم تتمّ حجّة على وجوب إكرام زيد العالم ولا عمرو الشاعر؛ لعدم الظهور الفعليّ لكلّ من الكلامين وجداناً؛


(1) وفرضنا أيضاً أنّ التخصيص هنا يوجب المجاز؛ لأنّ قوله: لايجب إكرام فلان، لم يكن بصيغة قيد المدخول، كالوصف أو الاستثناء، كي يقال: إنّ العموم إنّما هو لشمول أفراد المدخول مثلاً.