المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

251

أو أحد معاني متعدّدة عند الإجمال من دون أن يختلف الحال باختلاف الأشخاص، أمّا الظهور الفعليّ بالمعنى الذي لا يمكن الشكّ فيه فيختلف من شخص لآخر في أبناء اللغة الواحدة، فإنّه عبارة عمّا ينسبق إليه ذهن السامع ووعاء ذهنه، ومن المعلوم أنّ ذهن السامع ليس وعاءً فارغاً، بل هو وعاء مليء مشحون بمختلف الخصوصيّات السابقة والعوامل المؤثّرة من المحاورات، والتعايشات، والتفكيرات، ومقدار الاطّلاع على استعمال هذا اللفظ في هذا المعنى أو ذاك، وما إلى ذلك من اُمور، وهذه كلّها اُمور تختلف من شخص لآخر، فالظهور الفعليّ شأنه شأن الماء الذي يجري في أوعية مختلفة فيكتسب ألوانها، فالظهور الفعليّ لكلّ كلام هو نتيجة اللغة زائداً المؤثّرات الشخصيّة.

والدليل على كون موضوع الحجّيّة هو الظهور اللغويّ بالمعنى الذي شرحناه، هو: أنّ حجّيّة الظهور بالسيرة العقلائيّة إنّما هي باعتبار ما له من الكشف عن المراد، وهذا الكشف يكون باعتبار مقتضى الغلبة بحسب طبع المتكلّم الناشئة عن حساب الاحتمالات، ومن المعلوم أنّ المتكلّم إنّما يحاول بمقتضى طبعه وبحسب الغالب أن يجعل مراده منطبقاً على الظهور اللغويّ لكلامه لا على الظهور الفعليّ الذي يختلف من سامع لآخر، فالظهور الفعليّ يعبّر عن لغة شخصيّة لكلّ شخص، والظهور اللغويّ يعبّر عن لغة مشتركة، ومن الواضح أنّ المتكلّم يحاول الكلام باللغة المشتركة لا بلغة شخص من أشخاص السامعين، إذن فموضوع الحجّيّة هو الظهور اللغويّ لا الظهور الفعليّ، نعم قد يكون الظهور الفعليّ أمارة بوجه من الوجوه على الظهور اللغويّ كما سيأتي بيانه إن شاء الله، وهذا غير فرض كون موضوع الحجّيّة ابتداءً هو الظهور الفعليّ.

والظهور اللغويّ بالمعنى الذي عرفت يكون احتمال قرينيّة المتّصل مضرّاً بالتمسّك به؛ لأنّ الظهور اللغويّ يعني الدلالة التصديقيّة النهائيّة المقتنصة من