المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

248

إلى النور. وهكذا كان الكتاب الكريم، ولذا كان المشركون يهتدون بسماع بضعآيات كانت تنفذ في قلوبهم وتنير بالإيمان عقولهم.

وأمّا ثانياً: فلأنّنا لا نتصوّر إعجازاً يؤدّي إلى هذا الغموض والإجمال في باب الأحكام الشرعيّة التي مرجعها إلى أنّ هذا حلال وهذا حرام؛ لأنّ الوجوب والحلّ والحرمة اُمور مفهومة لدى الناس، والإعجاز المتصوّر في الأحكام إنّما هو إعجاز بلحاظ ملاكات الأحكام الشرعيّة والمصالح والمفاسد التي يستند إليها الحكم الشرعيّ، ومن الواضح أنّ الإعجاز بلحاظ الملاكات لا دخل له بفهم نفس الأحكام الشرعيّة المبيّنة في القرآن الكريم.

وأمّا الدعوى الثانية ـ وهي دعوى الإجمال العرضيّ بلحاظ العلم الإجماليّ بابتلائه بورود التخصيصات والتقييدات والتأويل، ونحو ذلك من الاُمور ـ: فهي أيضاً ليست بشيء، وينقض ذلك بالسنّة الشريفة، فإنّ حالها حال الكتاب من حيث الابتلاء بالتخصيص والتقييد ونحوها. والصحيح أنّ هذا البيان غير تامّ، لا في القرآن ولا في السنّة؛ وذلك لما حقّقناه مفصّلاً في بحث العامّ والخاصّ: من أنّ هذا العلم الإجماليّ بالمخصّصات والمقيّدات، إنّما يقتضي وجوب الفحص عن المقيّد والمخصّص قبل العمل بالظهور، لا سقوط الظهور عن الحجّيّة رأساً، وتفصيل الحال سبق في بحث العامّ والخاصّ.

هذا تمام الكلام في تفصيل الأخباريّين بكلا معنييه بين ظهورات الكتاب وغيره، ومن المؤسف أن يوجد في علمائنا جماعة تنكر حجّيّة ظهور القرآن الكريم الذي هو كتاب الإسلام، وعزّنا وشرفنا، وعليه أساس ديننا، ولعمري أنّ تصوّر المطلب بتمام شؤونه وخصوصيّاته، يكفي في التصديق بوضوح بطلان القول بعدم حجّيّة ظهور الكتاب الكريم، بلا حاجة إلى استئناف بحث وبيان بيّنة وبرهان على المطلب.

وبه نختم الكلام عن المقام الأوّل من مقامي مبحث الظهور، وهو في البحث عن أصل كبرى حجّيّة الظهور.