المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

246

أمّا الدعوى الاُولى ـ وهي دعوى الإجمال الذاتيّ ـ: فالإجمال الذاتيّ للقرآن يتصوّر من ناحيتين:

1 ـ دعوى أنّه إجمال وتعمّد مقصود من قِبَله تعالى لمصلحة في المقام رغم إمكان صبّ مطالبه في قوالب واضحة ومفهومة، ولنفرض أنّ تلك المصلحة ما اُشير إليها في بعض كلماتهم: من جعل الناس محتاجين إلى الإمام(عليه السلام)؛ إذ مع الوضوح يستغنون عن مراجعته(عليه السلام) مع أنّ نظام الاُمّة لا ينتظم ولا يتمّ إلّا بربطهم بالإمام(عليه السلام).

2 ـ دعوى أنّ طبع القضيّة كان يقتضي الإجمال، فإنّ القرآن الكريم هو كتاب الله، وكتاب كلّ شخص يناسب مقدار عظمة ذاك الشخص، فإذا فرض أنّ كتاب هندسة اُقليدس كان محلّ الإشكال والغموض والدقّة فما ظنّك بكتاب يؤلّفه مؤلّف هذا العالم على سعته وجبروته؟ فيجب أن يكون في أعلى مراتب الدقّة والشموخ النظريّ والفكريّ، ويجب أن يكون هذا الكتاب المعجز في جميع خصوصيّاته بالغاً حدّ الإعجاز في الدقّة، وعندئذ يصبح غير مفهوم لا محالة.

وكلتا هاتين الدعويين باطلتان:

أمّا دعوى الإجمال المتعمّد: فهو الذي يحكم العقل السليم ببطلانه بلا حاجة إلى استئناف بحث أو تأمّل في برهان؛ إذ لو أنّ شخصاً جاء إلى جماعة وادّعى لهم دعوى، ثُمّ تصدّى لبيان هذه الدعوى وإثباتها، فذكر بياناً لإثبات دعواه، وتعمّد في جعله غامضاً ومبهماً لا يفهمه أحد من اُولئك الذي ادّعى عليهم هذه الدعوى، لعدّ هذا الشخص ناقصاً غير ملتفت إلى مقتضيات الحال، فكيف ينسب مثل هذا إلى الله العليم الحكيم، ويدّعى أنّه تعمّد في إجمال القرآن الكريم الذي أنزله لهداية البشر وإثبات دعوى النبيّ(صلى الله عليه وآله)وإفهام الناس مع الاستدلال عليها بإعجاز القرآن؟!! فإنّ هذا خلف الفرض.