المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

241

الطائفة الثانية: الأخبار الآمرة بعرض الشروط على كتاب الله التي تقول بسقوط الشرط المخالف للكتاب. وتقريب الاستدلال بها: أنّه لو لم تكن ظواهر الكتاب حجّة فكيف نستطيع أن نعرف أنّ هذا الشرط موافق للكتاب أو مخالف له؟! ولا يبقى لدينا إلّا خصوص النصوص، والنصوص القطعيّة قليلة جدّاً(1).

وتحقيق هذا التقريب ومدى صلاحيّته للمقابلة مع روايات النهي عن التفسير بالرأي لو تمّت دلالتها على مدّعى الأخباريّ، هو: أنّ هذه الطائفة الآمرة بعرض الشروط على الكتاب إن اُريد بالكتاب فيها لفظ الكتاب فهي دالّة عرفاً على أنّ ألفاظ الكتاب لها دلالة، ويجوز فهمها بحيث يجعل القرآن مقياساً ومعياراً لتمييز الشرط الصحيح عن الفاسد. أمّا إن اُريد بالكتاب فيها مدلول الكتاب والمراد منه فهذه الأخبار بنفسها لا تدلّ على كيفيّة تحصيل هذا المدلول، غاية الأمر لعلّ


(1) إن صحّ هذا البيان أمكن إسراؤه إلى الطائفة الاُولى بأن يقال: إنّ حملها على نصوص القرآن حمل لها على الفرد النادر. إذن هي كالصريح في الأمر بالالتزام بظواهر القرآن، فليست النسبة بينها وبين روايات المنع عن التفسير بالرأي نسبة العموم من وجه كما مضى، بل هي كالأخصّ مطلقاً، وبها تخصّص روايات المنع عن التفسير بتفسير المجمل بأحد معانيه أو الظاهر بما هو خلاف ظاهره.

والواقع: أنّ إشكال كون الحمل على خصوص النصوص حملاً على الفرد النادر غير وارد من أساسه، فإنّ مسألة لزوم الحمل على الفرد النادر أو تخصيص الأكثر إنّما ترد في العامّ الذي لا تكون نسبته إلى ما خرج أخفّ من نسبته إلى ما بقي باعتبار كون مفهومه مشكّكاً مثلاً. أمّا إذا كان كذلك كما لو قال: (أكرم العلماء) ثُمّ قال: (قصدت بذلك مَن هم وصلوا إلى مستوى الاجتهاد) لم يرد عليه: أنّ هذا تخصيص بالفرد النادر أو استثناء لأكثر الأفراد. وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ مخالفة النصّ فرد بارز للمخالفة أكثر من مخالفة الظاهر، والأخذ بالنصّ فرد واضح من الأخذ بالكتاب أكثر من الأخذ بالظاهر.