الوجه الثالث: مأخوذ أيضاً من القوانين والاُصول التي نقّحناها في بحث السيرة، وهو: أنّنا نستدلّ في المقام بسيرة المتشرّعة، فسيرة المتشرّعة وأصحاب الأئمّة كانت قائمة على العمل بظهور القرآن جيلاً بعد جيل، ولو لم يكن هذا من المسلّمات في أيّام الأئمّة بل كان مشكوكاً لكثر السؤال عنه؛ لأنّها من المسائل ذات الأهمّيّة القصوى، ولو كثر السؤال كثر الجواب، وهو الجواب بالنفي بحسب فرض الأخباريّ، ولو كثر الجواب كذلك أصبح بالتالي عدم حجّيّته من المسلّمات، ولو كان عدم حجّيّته من المسلّمات لنقل من المتقدّمين مع أنّه لم ينقل من أحد عدم حجّيّة ظواهر القرآن الكريم إلّا من قبل الأخباريّين في العصور الأخيرة. وهذا أحد التطبيقات للقوانين الكلّيّة التي ذكرناها في بحث السيرة. وبعد ثبوت سيرة أصحاب الأئمّة على العمل بظواهر القرآن لا تكون الإطلاقات المفروضة في المقام من روايات المنع عن التفسير بالرأي رادعة عن السيرة، بل السيرة مقيّدة للإطلاق؛ لما ذكرنا في محلّه: من أنّ الحاجة إلى إحراز عدم الردع إنّما هي بالنسبة للسيرة العقلائيّة، وأمّا سيرة المتشرّعة فهي حجّة بالذات لا باعتبار عدم الردع عنها، فلو وجد في قبالها إطلاق أو عموم أو ظهور لكانت نفس السيرة دليلاً على تقييد ذلك الإطلاق، أو تخصيص ذلك العموم، أو تأويل ذلك الظهور.
وقد ظهر حتّى الآن: أنّه لا يصحّ الاستدلال بهذه الروايات على عدم حجّيّة ظواهر الكتاب الكريم.
الأخبار الدالّة على حجّيّة ظواهر الكتاب:
وتوجد هناك روايات اُخرى ـ في قبال ما يستدلّ به الأخباريّ ـ يستدلّ بها لحجّيّة ظهور الكتاب الكريم. وما استدلّ بها أو يمكن أن يستدلّ بها من الأخبار على حجّيّة ظهور الكتاب يمكن تقسيمها إلى أربع طوائف:
الطائفة الاُولى: الأخبار الآمرة بالتمسّك بالكتاب الكريم والأخذ به والعمل