أضف إلى ذلك نكتتين قد يحصل بإضافتهما الاطمئنان بمجعوليّة هذه الروايات، أو كون المقصود غير ما يظهر منها:
الاُولى: إنّه توجد في رواة هذه الروايات ظاهرة مشتركة تناسب لسان هذه الروايات الصادرة منهم، وتلك الظاهرة هي ظاهرة تبعيد الناس عن ظاهر الشرع، وادّعاء اُمور باطنيّة وبعيدة عن ظواهر الشرع.
فهذا سعد بن طريف أحد هؤلاء الرواة يروي أنّ الفحشاء رجل، والمنكر رجل، وأنّ الصلاة تتكلّم(1)، ويقول عنه النجاشي: «حديثه يعرف وينكر»، ويضعّف من قِبَل أشخاص آخرين.
وجابر بن يزيد أحد هؤلاء الرواة يقول: (دخلت على الإمام الباقر(عليه السلام)وأنا شاب، فأعطاني كتاباً للحفظ عندي، وكتاباً آخر لحديث الناس به). ويقول أيضاً: (إنّ الإمام حدّثني بسبعين ألف حديث ولم يأذن لي بأن اُحدّث به، فأذهب إلى حفيرة واُحدّثها به)(2). ونحو ذلك من الاُمور التي لو ضممناها إلى شهادة الأكابر من سلفنا الصالح يحصل لنا الظنّ القويّ بأنّ مثل مذاق هذا الشخص يريد غلق
(1) راجع اُصول الكافي، ج 2، كتاب فضل القرآن، ح 1، ص 598.
(2) راجع معجم الرجال للسيّد الخوئيّ، ج 4، ص 21 و22. وجابر بن يزيد هو راوي الرواية 41 من صفات القاضي من الوسائل. و سعد بن طريف هو راوي الرواية 64 من ذاك الباب. وأمّا الرواية 38 فراويها معلّى بن خنيس صاحب الرواية الغريبة بشأن النيروز. وأمّا باقي روايات هذه الطائفة التي فيها ما رواه زرارة، وفيها ما رواه عبد الرحمن بن الحجّاج فهي من مراسيل العيّاشي ولا قيمة لها. نعم، رواية زيد الشحّام ـ وهي الرواية 25 من ذاك الباب ـ ليست مرسلة، ولم نعرف من زيد الشحّام ما يكون من قبيل هذه الغرائب، ولكن من المحتمل كون مقصوده بقوله: «إنّما يعرف القرآن مَن خوطب به» معرفة تمام القرآن وحكمه ودقائقه، على أنّ سند الحديث ضعيف بمحمّد بن سنان.