المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

23

الجعل والمجعول بالمعنى المعروف عن المحقّق النائينيّ(رحمه الله) كي يرد عليه هذا الإشكال، بل مقصوده هو التفكيك بين مدلولين تصديقيّين للكلام.

توضيحه: إنّ لصيغة (افعل) مثلاً دلالة تصوّريّة، وهي دلالته على النسبة الطلبيّة ـ مثلاً ـ بحسب عالم التصوّر، ودلالة تصديقيّة نهائيّة، وهي دلالته على وجود مبادئ الحكم في النفس، ودلالة تصديقيّة اُخرى متوسّطة بين الدلالتين، وهي على مذاق المشهور ـ ومنهم المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) ـ إيجاديّة، وبهذا يميّزون الإنشائيّات عن الإخبار، فصيغة (افعل) مثلاً توجد الطلب في الخارج، وعلى مذاق آخر ليست إيجاديّة وإنّما هي دلالة على اعتبار نفسانيّ أوجده المولى في نفسه، وهو اعتبار الفعل في ذمّة المكلّف مثلاً، ومن وراء هذا ما مضى: من المدلول التصديقيّ النهائيّ وهو المبادئ. وهاتان الدلالتان التصديقيّتان قد تكونان تامّتين، وقد توجد قرينة على انتفاء الدلالة التصديقيّة النهائيّة. والحكم المشتمل على كلا المدلولين يصطلح عليه المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) بالحكم الفعليّ. والحكم المنسلخ عن المدلول النهائيّ يصطلح عليه بالحكم الإنشائيّ. ومقتضى إطلاق دليل الحكم وإن كان هو ثبوت كلا المدلولين في ظرف الشكّ، لكنّ جعل الحكم الظاهريّ في ظرف الشكّ بعد فرض استحالة الجمع بينه وبين حكم فعليّ آخر قرينة على عدم إرادة المدلول التصديقيّ النهائيّ(1)، لكن لا مطلقاً كي يكون الحكم الواقعيّ إنشائيّاً


(1) يشبه حلّ المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) للإشكال ـ أو يرجع إليه ـ الحلّ الذي كان يتبنّاه اُستاذنا المرحوم آية الله الشاهروديّ(رحمه الله): من التفصيل بين الجانب الوضعيّ للتكليف، وهو انشغال الذمّة، والجانب التكليفيّ له، وهو المطالبة بالأداء، فالأوّل هو المشترك بين العالم والجاهل، والثاني هو المختصّ بالعالم. وكان يعبّر(رحمه الله)أحياناً بأنّ الجمع بين الحكم الواقعيّ والظاهريّ ـ يعني التكليفيّين ـ مستحيل.