المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

228

المقرون باتّباع المحكم وعلى ضوئه.

وهنا بحث آخر في مقام النقاش في الاستدلال بالآية الكريمة لعدم حجّيّة ظواهر الكتاب، وهو أنّه ما معنى المتشابه؟ فهم بعد أن تسالموا على أنّ المتشابه هو الكلام الذي له عدّة معان بعضها يشبه بعضاً اختلفوا في أنّ هذا الشبه الموجود بين المعاني هل هو الشبه في أصل علاقة تلك المعاني باللفظ حتّى تشمل كلمة المتشابه الظواهر، أو هو الشبه في درجة العلاقة باللفظ فلا تشمل الظواهر؛ لأنّ درجة علاقة المعنى الظاهر باللفظ أشدّ من المعاني الاُخرى، وليست المعاني متشابهة في درجة العلاقة باللفظ.

أقول: إنّنا حتّى إذا قلنا: إنّ درجة الشبه هو أصل علاقة المعنى باللفظ، فكلمة ﴿ابْتِغَاء تَأْوِيلِه﴾ (بناء على ما فسّروا به التأويل من حمل اللفظ على معنى غير قواعد اللغة وقواعد اللسان) قرينة على أنّه لا يقصد باتّباع المتشابه ما يشمل اتّباع الظاهر، فحتّى لو كان لكلمة المتشابه إطلاق يشمل الظاهر فهذا الإطلاق مقيّد بكلمة ﴿ابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ﴾ .

هذا كلّه بحسب ما تسالموا عليه: من أنّ المتشابه في الآية عبارة عن اللفظ المتشابه المعاني، والتأويل عبارة عن حمل اللفظ على غير ما تقتضيه قواعد اللغة.

إلّا أنّ هذا ممّا لا نسلّم به. وأوّل مَن ذكر أنّ المراد من التأويل هنا غير التأويل بالمعنى المصطلح هو ابن تيميّة، حيث ذكر: أنّ المراد بالتأويل في الآية المباركة ليس هو التأويل بالمعنى المصطلح، بل هو التأويل بمعنى الأوْل وما يرجع إليه الشيء ويؤوْل إليه. واستدلّ(1) على ذلك باستقراء آيات اُخرى جاءت فيها كلمة


(1) الذي يبدو ممّا هو منقول في تفسير المنار أنّ هذا الاستدلال ليس لابن تيميّة، وإنّما هو لمؤلّف تفسير المنار (محمّد رشيد رضا). أمّا ما ذكره ابن تيميّة فهو إبطال إرادة