الظاهرة، ولكن لا تردع عن حجّيّة نفسها؛ لما عرفت: من استحالة ذلك، وحينئذ إن ادّعينا العلم بعدم الفرق بين آية وآية في حجّيّة الظهور بطل ردع الآية عن حجّيّة باقي الآيات الظاهرة أيضاً؛ لاستلزام ذلك المحال الذي عرفناه، وإن لم ندّع ذلك ـ وهو الذي ينبغي ـ تمّ مقصود الأخباريّ من الاستدلال بعدم حجّيّة ظهورات الكتاب بهذه الآية.
وهذا تمام الكلام فيما لو نهجنا المنهج الذي سلكه الأصحاب في المقام.
والتحقيق: أنّ هذا المنهج أساساً غير صحيح، فإنّنا لسنا بإزاء بحث منطقي نتكلّم فيه عن شمول اللفظ لنفسه وعدمه، وإنّما نحن بإزاء كلام عرفيّ لا يشمل نفسه بحسب الظهور العرفيّ. ولا أقصد بذلك أنّ كلّ لفظ يشمل نفسه بحسب البحث المنطقي لا يشمل نفسه بحسب الظهور العرفيّ، فلا بأس بالقول بشموله لنفسه عرفاً ما لم تكن قرينة على الخلاف، فقولنا مثلاً: (الكلمة لفظ) شامل للفظ (الكلمة) بلا إشكال، وإنّما نقول فيما نحن فيه بعدم شمول الآية لنفسها للقرينة؛ لأنّ الآية ـ بحسب الفرض ـ ظاهرة في أنّها بصدد الردع عن اتّباع المتشابهات، وتركيز هذا القانون بين المتشرّعة، وهو ترك العمل بالآيات المتشابهة، وهذا بنفسه قرينة على عدم شمولها لنفسها؛ إذ على فرض شمولها لنفسها لا يتحقّق ما هو الغرض منها: من الردع عن اتّباع المتشابهات.
وحينئذ إن ادّعينا القطع بعدم الفرق بين آية وآية في حجّيّة الظهور وعدمها بطل دليل الأخباريّ؛ لما مضى: من استحالة ردعها عن نفسها، وإلّا تمّ دليل الأخباريّ بناءً على شمول المتشابهات للظواهر.
هذا كلّه بناءً على تسليم أصل دلالة الآية الشريفة على الردع عن العمل بالمتشابهات.
ولكن الصحيح: أنّ هذه الآية ليست بصدد الردع عن العمل بالمتشابهات أصلاً. قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ