المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

225

فرض الحجّيّة الفعليّة لأوّل السلسلة ـ وهو باقي ظهورات الآيات غير هذه الآية ـلا يعني تعبّداً لنا بما هو خلاف طبع العقلاء، وإنّما يعني سقوط الظهور الثاني عن الحجّيّة بالقطع بكذبه، بينما فرض الحجّيّة الفعليّة للظهور الثاني يعني التعبّد بعدم حجّيّة الظهور الأوّل، أي: التعبّد بما هو خلاف طبع العقلاء. فدوران الأمر بين هذين الفرضين أوجب فعليّة تأثير الارتكاز العقلائيّ على حجّيّة أوّل السلسلة بعد ما لم يكن بالإمكان استقرار الارتكاز على حجّيّة كلّ ما في السلسلة.

الثالث: إنّ ظهورات هذه الآية متكاذبة فيما بينها، فإنّ تنافيها في الحجّيّة الفعليّة يؤدّي إلى تكاذبها، فمثلاً الظهور الأوّل لها يدلّ على عدم حجّيّة ظهور باقي الآيات. وهذا السلب مع فرض سلب حجّيّة نفس ما يظهر من هذه الآية من السلب لغو(1)، فنقطع بكذب أحد السلبين، وهذا بخلاف باقي ظهورات الآيات، فلا تكاذب بينها وبين ظهور هذه الآية الرادع عنها؛ إذ من الممكن أن تكون تلك الظهورات مطابقة للواقع، ومع ذلك سلبت الحجّيّة عنها. إذن فظهورات هذه الآية تتساقط بالتعارض والتكاذب، ويبقى باقي ظهورات الكتاب حجّة.

وإن فرض الثاني ـ أي: أنّ هذه الآية ردعت عن الآيات الظاهرة لا عن ظهورات الآيات (ولعلّ هذا هو الظاهر من الآية بعد فرض تسليم كونها بصدد الردع عن الحجّيّة) ـ: فعندئذ لا تنحلّ هذه الآية إلى قضايا لا متناهية؛ لأنّ عدد الآيات الظاهرة متناه لا محالة، فهذه الآية تدلّ على عدم حجّيّة باقي الآيات


(1) لا يخفى أن كلّ سلب بالنسبة لما بعده من السلب حكم واقعيّ بالنسبة للحكم الظاهريّ، فيجمع بينهما بما يجمع بين الحكم الواقعيّ والظاهريّ من دون تكاذب. ودعوى اللغويّة تكون كدعوى لغويّة الحكم الواقعيّ الذي نفاه الحكم الظاهريّ، ولو تمّت لسرت إلى باقي ظهورات آيات الأحكام فيقال: إنّها تلغو بسلب الحجّيّة عن الظهورات الدالّة عليها.