المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

219

عدم حجّيّة ظهور الكتاب الكريم بوجهين: أحدهما من نفس الكتاب، والثاني منالسنّة:

 

إسقاط ظواهر القرآن بالقرآن:

أمّا الوجه الأوّل: فهو قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلّاَ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إلّاَ أُوْلُوا الألْبَاب﴾، حيث يقال: إنّ النهي عن اتّباع المتشابهات يشمل الظواهر أيضاً، فالمحكم ما يكون نصّاً في معنى واحد، والمتشابه ما يكون له عدّة معاني يشبه بعضها بعضاً في كونه معنى لهذا الكلام سواء كانت تلك المعاني متساوية، أو كان بعضها أرجح من بعض.

والتحقيق بعد فرض تسليم شمول كلمة المتشابه للظاهر: عدم تماميّة الاستدلال بهذه الآية على مطلوب الأخباريّ. ولتوضيح ذلك نعرض أوّلاً ما قاله أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ في المقام، ثُمّ نستعرض ما هو الصحيح عندنا.

فقد جاء في كلمات أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ في المقام: أنّه بعد فرض تسليم شمول كلمة المتشابه للظاهر لا يتمّ الاستدلال بالآية المباركة لإسقاط ظهور الكتاب عن الحجّيّة؛ لأنّ دلالة الآية المباركة على ذلك لو تمّت فإنّما هي بالظهور لا بالنصوصيّة والتصريح، وعليه فردع الآية الشريفة عن حجّيّة ظهور الكتاب يستلزم المحال، وهو ردعها عن حجّيّة نفسها. أمّا وجه الملازمة فواضح؛ لأنّ الآية بنفسها ـ كما قلنا ـ لها ظهور وليست نصّاً وتصريحاً بالمقصود. وأمّا وجه استحالة اللازم فلأنّها لو ردعت عن حجّيّة نفسها للزم من حجّيّتها عدم حجّيّتها،