المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

217

وما يقال عن ذلك: من أنّ العموم بنفسه حجّة ـ كما هو مسلّم عند هذا المفصّل ـ فيجب أن لا نرفع اليد عنه إلّا بحجّة اُخرى على خلافه، والمفروض عدم قيام الحجّة في مورد الشكّ على الخلاف. يجاب عليه بأنّ أصل حجّيّة العموم في هذه الحال أوّل الكلام.

والوجه في ذلك: دعوى اختلال الكشف عند المولى؛ إذ بعد فرض خروج المولى عن المسلك العقلائيّ بالاعتماد على مخصّص منفصل فخروجه بالاعتماد على تخصيص زائد غير بعيد مطلقاً، أو عند كثرة المخصّصات، أو في موارد الشبهة المفهوميّة المردّدة بين الأقلّ والأكثر، فتختلّ هنا السيرة العقلائيّة. ولكن إن صحّ حقّاً هذا التقريب وقلنا باختلال الكشف عند المولى بذلك كفتنا سيرة المتشرّعة لإثبات الحجّيّة، ولو وسوس موسوس وشكّك مشكّك بأنّه بعد فرض اختلال السيرة العقلائيّة لا يفيدنا الرجوع إلى سيرة المتشرّعة بشكل مطلق؛ لأنّ القدر المتيقّن منها ـ مثلاً ـ هو التمسّك بالعامّ في احتمال التخصيص الزائد المستقلّ لا في الشبهة المفهوميّة المردّدة بين الأقلّ والأكثر. أقول: لو أنّ أحداً أورد أمثال هذه الشبهة رفعنا الشبهة بما مضى: من التمسّك بالأخبار الآمرة بالرجوع إلى أخبارهم، ومعنى ذلك هو الرجوع إلى ظواهرها، وإطلاقها يشمل فرض كون العامّ مخصّصاً بمخصّص واحد أو بمخصّصات عديدة، أو بالمردّد مفهوماً بين الأقلّ والأكثر. وهذا الإطلاق لم يقيّد بشيء حتّى ينقل الكلام إليه، فهذا الإطلاق مهرب لطيف عن أمثال هذه الشبهات. هذا بغضّ النظر عمّا أشرنا إليه: من إمكان دعوى أنّ هذه الأخبار إنّما وردت أساساً للردع عن أيّ احتمال آخر في مقابل ظواهر كلام المعصوم مهما كان منشؤه، والحثّ على الأخذ بظواهر الأخبار في مقابل أيّ احتمال من الاحتمالات.

بقي هنا تقريب يكون في صالح جملة من التفصيلات الماضية، وهو: أن يقال: إنّ سيرة العقلاء على حجّيّة الظهور تختصّ بكلام مولى يتكلّم على طبق ما هو