المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

212

المفروض، فمن المعلوم أنّ المولى إنّما يجعل الحجّيّة للأمارات بهدف الوصول إلى أغراضه، والمقياس الذي يقرّبه في نظره إلى أغراضه إنّما هو الكشف عنده لا الكشف عند العبد، فيسقط المولى ـ مثلاً ـ القياس عن الحجّيّة وإن كان كاشفاً في نظر العبد؛ لغالبيّة خطئه في نظر المولى؛ لعلمه بأنّ الشريعة قائمة على أساس جمع المتفرّقات وتفريق المجتمعات.

هذا، مضافاً إلى وجود شاهد على ما نقول وهو إسقاط الاحتمالات الخارجيّة من الحساب، فلو تقوّى لدى العبد احتمال عدم إرادة العموم لا لورود ما يحتمل قرينيّته، بل لأمر خارجيّ كالاطّلاع على صفة لزيد يستبعد معها إرادة المولى لإكرامه، لم يكن الظهور ساقطاً عن الحجّيّة بشأن هذا العبد مع أنّ كشف المجموع من كلام المولى وهذه القرينة الخارجيّة أصبح ضعيفاً. فإن ادّعي رأساً أنّ حجّيّة الظهور مشروطة بعدم قوّة احتمال خلافه، أو بعدم الظنّ بالخلاف، أو بالظنّ بالوفاق، فهذا رجوع إلى التفصيل الآتي. أمّا إذا قُبلت حجّيّة الظهور عقلائيّاً في مثل هذا المثال مع إنكارها في فرض ورود محتمل القرينيّة منفصلاً فالتفصيل بينهما يكون تعبّديّاً بحتاً، وهو بعيد عن مشرب العقلاء.

والحاصل: أنّ السرّ في حجّيّة الظهور مع تقوّي احتمال خلافه لأمر خارجيّ غير كلام آخر للمولى إنّما هو أنّ العبرة بالكشف عند المولى وهو لا يقلّ بذلك، فيجب إسقاط الاحتمالات الخارجيّة من الحساب، وعين هذه النكتة موجودة فيما نحن فيه وهو فرض ورود محتمل القرينيّة.

وبما ذكرناه من الشاهد يدفع ما يمكن أنّ يدّعى: من أنّه وإن كان مقتضى الصناعة كون المقياس في الحجّيّة التي يجعلها المولى هو الكشف عند المولى لا الكشف عند العبد ولكن العقلاء لعلّهم أخطأوا فاعتمدوا في باب الحجّيّة على الكشف عند العبد، فلو احتمل شخص هذا الاحتمال دفعنا احتماله بأنّه لو كان