المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

210


العقلائيّة، وهذا دليل على بطلان هذا المبنى وهو كون العبرة بالكشف الناتج عن مجموع الظهورات. وعلى كلّ حال، فبناءً على هذا المبنى قد يناقش فيما ذهب إليه الأصحاب في المثال الثالث: من حجّيّة العامّ أو الكلام الأوّل، بما مضى: من أنّ وجود ما يحتمل مخصّصيّته أو قرينيّته يضعّف الكشف، إلّا أن يقال بحجّيّة هذا الكشف رغم ما طرأ عليه من الضعف.

وإن قلنا بأنّ العبرة بالكشف المنسجم مع الظهورات المربوطة، أي: الكشف الثابت لبعض الظهورات مع عدم وجود ظهور آخر لكلام المولى على خلافه إلّا ظهوراً محكوماً للظهور الأوّل لضعفه مثلاً، فرأي الأصحاب في المثال الأوّل وهو بقاء العامّ على الحجّيّة لا يتمّ ؛ لأنّ ظهور العامّ يقابله ظهور آخر أقوى، وهو ظهور المخصّص المفروض صدوره من المولى وإن كان معارضاً بظهور آخر صادر أيضاً من المولى، إذن فظهور العامّ يسقط مع سقوط المخصّص ومعارضه، ويتمّ رأي الأصحاب في المثال الثاني وهو كون مقتضى القاعدة سقوط جميع النصوص؛ إذ لا يوجد كشف منسجم مع جميع النصوص، ويتمّ رأي الأصحاب في المثال الثالث أيضاً؛ لأنّ العامّ له ظهور في العموم، والمخصّص لم يثبت شموله لمورد الكلام، فدعوى إرادة العموم تنسجم مع المخصّص؛ لأنّ المخصّص مجمل بحسب الفرض، وكذا الحال في كلّ كلام منفصل محتمل القرينيّة.

هذه هي الاحتمالات الثلاثة ونتائجها، فإن ثبتت سيرة المتشرّعة أو سيرة العقلاء وفق أحد هذه الاحتمالات أخذنا به، وإلّا فإن علمنا بحياديّة ارتكاز العقلاء حول احتمالين من هذه الاحتمالات أو حولها جميعاً كان حلّ المطلب هو الرجوع إلى الروايات الآمرة بالرجوع إلى أخبارهم (عليهم الصلاة والسلام)؛ إذ معنى ذلك الرجوع إلى ظواهرها، وهو يعني حجّيّة كلّ ظهور في ذاته، وهذا يوافق الاحتمال الذي قلنا: إنّه يتمّ عليه كلّ مواقف