المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

209


الظهورات ـ فإن قلنا بأنّ العبرة بكشف كلّ ظهور في ذاته تمّت المواقف المشهورة عن الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ في كلّ هذه الأمثلة الثلاثة:

فقد قالوا في المثال الأوّل: إنّ المخصّص مع ما يعارضه يتساقطان ويبقى العامّ حجّة. وهذا صحيح؛ لأنّ العامّ كان بحدّ ذاته حجّة؛ لما فيه من الكشف النوعيّ، وما يزاحمه في الحجّيّة كان هو المخصّص، والمفروض سقوطه بالتعارض، ولا يسقط العامّ مع سقوط المخصّص ومعارضه؛ لأنّ دليل الحجّيّة إنّما يشمل العامّ في طول سقوط المخصّص؛ وذلك لحكومة المخصّص وتقدّمه على العامّ.

وقد قالوا في المثال الثاني: إنّ مقتضى القاعدة تساقط كلّ النصوص الثلاثة. وهذا صحيح؛ لأنّ نسبة دليل الحجّيّة إلى الكشف النوعيّ الثابت للظهور الثالث وإلى الكشف النوعيّ الثابت لأيّ واحد من الأوّلين على حدّ سواء، فترجيح أحد الطرفين على الآخر ترجيح بلا مرجّح فيتمّ التساقط.

وقد قالوا في المثال الثالث: إنّ العامّ حجّة فيما شكّ في دخوله في المخصّص، وإنّ الكلام المنفصل المحتمل قرينيّته لا يضرّ بحجّيّة ظهور الكلام الأوّل. وهذا أيضاً صحيح؛ لأنّ الكشف النوعيّ للعامّ ثابت على حاله.

وإن قلنا بأنّ العبرة بالكشف الناتج عن مجموع الظهورات المربوطة، فرأي الأصحاب في المثال الأوّل قد يصحّح بدعوى أنّ كشف العامّ عن العموم وإن كان مزاحماً بكشف المخصّص ولكنّه مؤيّد بما يعارض المخصّص، فقوّة الكشف بعد الكسر والانكسار ستكون إلى جانب العامّ، ولكن لازم ذلك أن يقال في المثال الثاني أيضاً بأنّ النصّين المتوافقين قد يكونان أقوى من النصّ الثالث، فالكشف يكون بعد الكسر والانكسار إلى جانبهما، ولكنّ هذا ليس معهوداً من الأصحاب كما هو واضح، وليس متعارفاً في السيرة