المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

20

وأمّا إشكال اجتماع الضدّين، فلأنّ الإشكال لم يكن متمركزاً في نفس صياغة الحكمين التكليفين وكيفيّة الجعل والاعتبار، كي يقال: إنّ الحكم الظاهريّ ليس حكماً تكليفيّاً وإنّما هو حكم وضعيّ وجعل للطريقيّة أو لغيرها من الاُمور الاعتباريّة. وإنّما التضادّ متمركز في مبادئ هذه الاعتبارات: من المصالح والمفاسد وما في نفس المولى: من الحبّ والبغض، ولا تؤثّر في حساب ذلك صيغة الجعل والاعتبار. فما أفادوه في المقام: من بيان أقسام جعل الحكم الظاهريّ: من جعل الطريقيّة والمنجّزيّة والحجّيّة وغير ذلك، غير مرتبط بالمقام أصلاً، وإن أثّر ذلك في تصعيد مستوى علم الاُصول على أساس ما ترتّبت عليه من ثمار في مقامين:

أحدهما: في تقديم أحد الأدلّة على غيره في مقام التعارض وعدمه؛ إذ التعارض مربوط بباب اللفظ والتعبير وتؤثّر فيه الصياغات. ويأتي الكلام في ذلك إن شاء الله.

والثاني: فيما مضى من بحث قيام الأمارات مقام العلم وقد مضى تفصيله.

الوجه الثاني: إنّ مبادئ الحكمين ليست مرتكزة على مورد واحد حتّى تقع المنافاة. فمبادئ الحكم الواقعيّ ثابتة في المتعلّق، ومبادئ الحكم الظاهريّ ثابتة في نفس الحكم.

ويرد عليه: إنّ مبادئ الحكم الظاهريّ لو كانت ثابتة في نفس الحكم ـ بأن لم يكن وراء إيجاد الحكم غرض للمولى يحصل بالإتيان بمتعلّقه ـ لم يحكم العقل بلزوم اتّباع هذا الحكم أصلاً، وبتعبير آخر: قد مضى منّا أنّ المحرّكيّة العرضيّة للحكم بواسطة حكم العقل متمّمة للمحرّكيّة الذاتيّة، ومع فرض عدم تعلّق غرض للمولى وراء إصدار الحكم بالإتيان بمتعلّقه ليست للحكم محرّكيّة ذاتيّة للعبد بملاك حبّ العبد لإنجاز أغراض المولى؛ إذ المولى وصل إلى أغراضه بإيجاد الحكم ولا يريد شيئاً آخر.