المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

191

مبانيها، فمبانيها وإن كانت خاطئة لكن الشارع رأى بحكمته البالغة أنّ إرجاع الناس إلى أصالة عدم التغيّر أصلح من إرجاعهم إلى مرجع آخر، فأمضى الأصل.

هذا. ولا يمكن في المقام التمسّك بسيرة المتشرّعة بالمعنى المغني عن الإمضاء لكونها في طول رأي الشارع؛ لأنّ سيرة المتشرّعة في المقام لا تكشف عن إذن الشارع؛ إذ ليس من المستبعد غفلة جميع المتشرّعة عن احتمال عدم صحّة هذا المسلك، وأن يكون عملهم بذلك تطبيقاً للسيرة العقلائيّة القائمة على أساس النكتة الخاطئة التي لا تقتضي العادة التفاتهم إلى بطلان هذه النكتة، أو عدم مقبوليّة هذا المسلك للشارع(1).

 


(1) مضى منّا أنّ سيرة المتشرّعة بالمعنى العامّ التي تشمل سيرتهم التي يأخذونها من العقلاء يدلّ نفس استقرارها على الإمضاء؛ إذ لو ردع الشارع عنها لانكسرت.

ثُمّ إنّ ما أفاده(رحمه الله): من كون سيرة العقلاء في المقام مبنيّة على نكتة خاطئة، قد يورد عليه بأنّ التطوّر الثابت في اللغة مادامت هي لغة واحدة لا يعدو عن كون الظهورات المتبدّلة فيها بالقياس للظهورات غير المتبدّلة قليلة، فتبقى لأصالة الثبات كاشفيّتها النوعيّة، والدليل على قلّة التطوّرات والتبدّلات للظهور إنّنا حينما نرجع إلى نصوص القرآن الكريم، أو الروايات، أو النصوص الموروثة تأريخيّاً نرى أنّنا نفهم منها معاني متنسّقة ومقبولة، بينما لو كان قد وقع التطوّر الكثير في الظهورات لكنّا نبتلي فيها كثيراً بعبائر غير متّسقة المعنى. وافتراض أنّ التطوّر والتبدّل صار دائماً بنحو قد تبدّل ظهور العبارة المتّسق والمقبول بظهور آخر متّسق ومقبول بعيد بحساب الاحتمالات، وحينما يصل أمر تطوّر اللغة إلى هذا المستوى لا نقبل فرض بناء العقلاء على أصالة الثبات وعدم التغيّر، والعمل بما يفهم الآن من ظهور الكلام القديم.

وقد يقصد اُستاذنا(رحمه الله) أنّ تطوّر اللغة وتبدّل الظهور ضمن زمن طويل ليس على خلاف الطبع وإن كانت نسبة ما تبدّل إلى ما لم يتبدّل نسبة ضئيلة، والعقلاء في باب