المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

190

يستظهرون من صيغة الوقف أو الوصيّة الباقية من ذاك الواقف أو الموصي ولو كان التأريخ الفاصل بين الزمان الحاضر وزمان الواقف أو الموصي طويلاً جدّاً.

وبما أنّ هذا البناء من قِبَل العقلاء يشكّل خطراً على أغراض الشارع يكون عدم ردعه عنه دليلاً على إمضائه، وفعليّة هذه السيرة وخطرها على أغراض الشارع إن كانت متأخّرة من زمن الشارع فهذا لا يمنع عن لزوم الردع عنها على تقدير عدم رضاه بها، فإنّ الالتفات إلى أنّه سيكون أمر من هذا القبيل، أو على الأقلّ احتماله أمر طبيعيّ، وليس الردع عن ذلك من باب إعمال العلم بالغيب كي يقال: إنّ الأئمّة(عليهم السلام)إنّما كانوا يبلّغون الأحكام بالطريقة المتعارفة.

هذا مضافاً إلى أنّه قد تحقّقت هذه السيرة، وتحقّق الخطر بالفعل في زمن المعصوم(عليه السلام)؛ إذ إنّ المتشرّعة كانوا يعملون بظواهر النصوص المأثورة عن المعصومين الأوائل(عليهم السلام)مع أنّ الفاصل الزمنيّ بين رسول الله(صلى الله عليه وآله) والهادي والعسكريّ(عليهما السلام)فاصل طويل، وتلك الفترة الزمنيّة فترة متطوّرة من النواحي الاجتماعيّة والفكريّة والمادّيّة، وعامرة بالعلوم المختلفة، ومتحرّكة في شتّى النواحي والجهات ولم تكن فترة راكدة، وبالرغم من ذلك كان المتشرّعة يعملون بظواهر الكتاب والسنّة الواصلة إليهم من أيّ واحد من المعصومين بنهج واحد بلا رادع ولا مانع من قِبَل الأئمّة(عليهم السلام)، وعدم الردع دليل الإمضاء.

وليس هذا إمضاء لأصالة الثبات في المقدار الثابت في زمن المعصوم من احتمال التطوّر فقط حتّى يقال: إنّ التطوّر في اللغة قد اشتدّ في زماننا بطول المدّة، بل هذه السيرة سنخ سيرة يكون السكوت عنها إمضاء لنكتتها. ولا نعني بإمضاء النكتة إمضاء خطأ العقلاء في تخيّلهم أنّ المدّة الطويلة كالمدّة القصيرة في الثبات النسبي للّغة، كي يقال: إنّه لا يعقل من الشارع إمضاء الخطأ، وإنّما نعني بإمضائها البناء على أصالة عدم التغيّر التي هي النكتة لعملهم، وإمضاؤها لا يلزم إمضاء