المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

188

وجوب الحجّ عليه. ثُمّ راجعت كلمات الفقهاء فرأيتهم فهموا من الحديث المعنى الثاني.

وعلى أيّ حال، فالمقصود من هذا التفصيل هو دعوى اختصاص حجّيّة الظهور بمن كان حاضراً في عصر الخطاب لا بمعنى اللحظة التي صدر فيها ذاك الخطاب، بل بمعنى مقطع زمنيّ كان الظهور ثابتاً فيها؛ لما عرفت: من أنّ اللغة لها ثبات نسبي في مقدار من الزمن.

وقبل التحقيق في صحّة هذا التفصيل وعدمها ننظر في أنّه هل هذا في الحقيقة تفصيل في حجّيّة الظهور في قبال ما اشتهر في لسان الأصحاب: من حجّيّة الظهور على الإطلاق، أو لا؟ وهذا متفرّع على تحقيق معنى الظهور الذي جعل موضوعاً للحجّيّة هل المقصود منه هو ظهور عصر الصدور، أو ظهور عصر الوصول؟ فعلى الأوّل ليس هذا تفصيلاً وخروجاً عن مبنى الحجّيّة المعروفة، وإنّما هو توضيح للمبنى. وعلى الثاني يكون هذا تفصيلاً في حجّيّة الظهور.

والظاهر هو الأوّل بقرينة تمسّكهم بأصالة عدم النقل؛ إذ لو كان موضوع الحجّيّة عندهم ظهور عصر الوصول لم تكن حاجة إلى أصالة عدم النقل.

ولنا هنا كلامان:

أحدهما: في صحّة هذا المدّعى، أعني: كون موضوع الحجّيّة ظهور عصر الصدور وعدمها.

والثاني: أنّه بعد الفراغ عن صحّة ذلك ما هي وظيفتنا في باب التمسّك بالظهور.

أمّا الكلام الأوّل: فالتحقيق صحّة القول بأنّ موضوع الحجّيّة هو ظهور عصر الصدور دون عصر الوصول؛ لما مضى: من أنّ الاُصول العقلائيّة إنّما تكون بحسب الارتكاز العقلائيّ بملاك الكشف النوعيّ لا التعبّد الصرف، والذي يكشف كشفا نوعيّاً عن مراد المتكلّم إنّما هو ظهور عصر الصدور وليس ظهور عصر الوصول.

وأمّا الكلام الثاني: فكأنّ الاُصوليّين حينما عرفوا: إنّ الأصل العقلائيّ إنّما