المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

186

هذا بالنسبة للروايات. أمّا بالنسبة للكتاب الكريم فلا شكّ أنّنا مقصودون بالإفهام، وأنّ هذا الكتاب المنزل للعالم لم يعتمد فيه على قرينة حاليّة لعصر النزول، فيكون ظاهره حجّة لنا.

أمّا لو احتملنا القرينة الحاليّة بالنسبة للكتاب لم يندفع هذا الاحتمال بشهادة الراوي؛ لأنّ الرواة إنّما كانوا بصدد نقل ألفاظ الوحي فقط، وليس لهم شهادة ضمنيّة بعدم القرينة الحاليّة، بل يشهدون بأنّهم ليسوا بصدد نقل الاُمور المكتنفة بنزول الوحي وإنّما جمعوا نفس ألفاظ الوحي.

 

دعوى اختصاص الحجّيّة بالمعاصرين للخطاب:

التفصيل الثاني: هو التفصيل بحسب الزمان بدعوى اختصاص حجّيّة الظهور بأهل عصر الخطاب لا بمعنى اختصاصها بالمخاطبين أو بمن قصد إفهامهم، بل بمعنى اختصاصها بمقطع زمنيّ تكون اللغة ثابتة فيه نسبيّاً، ولا نقصد بالمقطع الزمنيّ ذات المقطع الزمنيّ الذي صدر فيه النصّ بمعنى أنّ كلّ مَن كان حيّاً حين صدور النصّ كان ظهور النصّ حجّة له، وكلّ مَن جاء بعد ذلك لم يكن ظهور النصّ حجّة له، وإنّما نقصد المقطع الزمنيّ الذي لا يؤثّر مرور الزمان فيه تأثيراً ملحوظاً في تغيّر اللغة.

وتوضيح المقصود: أنّ اللغة رغم ثبوتها نسبيّاً بمعنى دوام الظهور الوضعيّ والسياقي لفترة معتدّ بها من الزمن هي في تطوّر دائم وتتحرّك حركة بطيئة، وبمضيّ الدهور يشتدّ التغيير، وليس نظرنا فعلاً إلى تغيّر أصل اللغة بمعنى انتقال اللسان من لغة إلى لغة اُخرى كما في العربيّة الفصحى والعربيّة الدارجة اليوم، وإنّما نظرنا إلى التطوّر الواقع داخل لغة واحدة.

والوجه في هذا التطوّر هو: أنّ اللغة لا ينظر إليها بنظر الموضوعيّة، وإنّما هي