المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

183

ثُمّ لو تنزّلنا وافترضنا فرقاً في النكتة العقلائيّة بين المخاطب وغير المخاطب، أو أنكرنا شهادة الراوي بعدم القرينة الحاليّة فسقط التمسّك بالأصل العقلائيّ في المقام قلنا: إنّنا نتمسّك بسيرة المتشرّعة؛ إذ لا إشكال في أنّ المتشرّعة لم يكونوا يفرّقون في حجّيّة الظهور بين المخاطب وغيره، ولو كان المتشرّعون غير المخاطبين لا يسلكون في مقام العمل وأخذ الأحكام الشرعيّة مسلك الاعتماد على الظهور لكان لهم مسلك آخر يصلنا، فبذلك تثبت الحجّيّة على نحو العموم، ولو فرض قصور السيرة العقلائيّة عن إثبات ذلك.

بقي هنا شيء، وهو: أنّنا إلى الآن فرضنا أنّ مقصود المفصّل هو التفصيل بين المخاطب وغير المخاطب، أي: تخصيص الحجّيّة بالمشافهين، والآن نفرض أنّ مصبّ التفصيل هو عنوان مَن قصد إفهامه ومَن لم يقصد، وهذا لا يساوي عنوان المشافهة أو المخاطب، فقد يكون الشخص مقصوداً بالإفهام رغم أنّه ليس


له لا لغيره؛ لأنّ غيره يحتمل وجود قرائن حاليّة، ولكن زرارة قد خاطب شخصاً آخر، فظاهر كلامه حجّة له، والمفروض به أن يبرز في ظاهر كلامه كلّ ما كان من قرائن حاليّة بينه وبين الإمام، وذاك الشخص الآخر خاطب شخصاً ثالثاً، فظاهر كلامه حجّة له، وهكذا إلى أن نصل إلى الكتب الواصلة بأيدينا، ونحن بالنسبة لأصحاب الكتب مخاطبون لهم أو بحكم المخاطبين، فظواهر نقولهم حجّة لنا، ولو كانت هناك قرائن في الأثناء لدى مَن بيننا وبين الإمام من الوسائط لكان عليه النقل.

ومن هنا يظهر أنّ أصل مبحث اختصاص حجّيّة الظواهر بالمشافهين، أو بمن قصد إفهامه ليس له أثر مهمّ في الشريعة؛ لأنّنا بالنسبة لمن قبلنا مشافهون، أو مقصودون بالإفهام إلى أن يصل الأمر إلى الإمام(عليه السلام).