المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

182

وجود مثل هذه القرينة الحاليّة. أمّا لو فرض في مورد أنّه كان هناك تصوّر تفصيليّ في ذهن العقلاء عن قرينة حاليّة من هذا القبيل، وكان وجودها محتملاً احتمالاً عقلائيّاً فعندئذ لا يتمسّك بظهور كلام المتكلّم أصلاً.

ولكن هذا المنشأ لا يصلح ملاكاً للتفصيل بين المخاطب وغير المخاطب، وإنّما هو ملاك للتفصيل بين الحاضر وغير الحاضر، فإنّ احتمال وجود القرينة الحاليّة وعدم الاطّلاع عليها من غير جهة الغفلة إنّما يختصّ بمن لم يكن حاضراً مجلس التخاطب، أو مجلس الكلام السابق.

ثُمّ إنّ هذا الاحتمال لا يضرّ بحجّيّة الروايات الواصلة إلينا باعتبار عدم حضورنا مجلس التخاطب، فإنّ هذا إنّما يضرّ في مثل ما لو سمعنا الكلام من المسجّل، كما لو سئل الإمام(عليه السلام) عن الأرض هل تطهر إذا أصابتها الشمس؟ فقال(عليه السلام): (تطهر)، وسمعنا ذلك من المسجّل واحتملنا أنّ الإمام(عليه السلام) تكلّم بكلمة (تطهر) بعنوان الاستنكار الظاهر من حالته ووجهه الشريف لا بعنوان الإخبار عن مطهّريّة الشمس من دون ماء، فهذا الظهور ليس حجّة لنا. أمّا لو حكى لنا القصّة ثقة يكون كلامه حجّة بمقتضى أدلّة حجّيّة خبر الواحد فنحن وإن لم يمكننا دفع هذا الاحتمال بإجراء أصالة عدم القرينة في كلام الإمام(عليه السلام) لكنّنا ندفعه بشهادة الراوي على عدمها. إمّا بالتصريح ـ كما لو صرّح بذلك ـ أو بنفس السكوت وعدم النقل، فإنّه ظاهر في العدم، وشهادة ضمنيّة بعدم القرينة، ومقتضى أمانته ووثاقته أنّه ينقل تمام ما له دخل في تحصيل المعنى من كلام الإمام(عليه السلام)بالنسبة لشخص ذلك المجلس، ولهذا أشار الرواة في كثير من الروايات إلى القرائن الحاليّة(1).

 


(1) وإن شئتم قلتم: إنّ المخاطب للإمام وإن كان هو زرارة مثلاً، فظاهر كلامه حجّة