المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

177

وثانياً: إنّا لو سلّمنا أنّ قاعدة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة تشمل السكوت، أو الاقتصار في وقت الحاجة على ما يكون مجملاً، أو غير حجّة، قلنا: إنّه لو فرض عدم حجّيّة هذا الظاهر بقطع النظر عن هذه القاعدة فضمّ هذه القاعدة لا يعني إحراز مراد المولى بها، بل يعني الفراغ عن ارتكاب المولى لهذا القبيح(1).

 


(1) إنّ مراجعة كلام المحقّق العراقي(رحمه الله) في المقالات توضّح أنّ مقصوده (رضوان الله عليه) من قاعدة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ليست هي قاعدة قبح فصل القرينة عن الحجّة، بل مقصوده هو المفهوم الأوّليّ من هذه العبارة، وهو قبح ترك البيان إلى انتهاء وقت الحاجة العمليّة، بأن لا يبيّن الأمر لا بالقرينة المتّصلة ولا بالقرينة المنفصلة إلى انقضاء وقت العمل. وقد مضى منّا أنّه لم يرد في كلام المحقّق العراقي، ولا الشيخ الأعظم(رحمهما الله) أيّ إشارة إلى التفصيل بين القرينة المتّصلة والمنفصلة، وعليه فبالإمكان أن يكون مقصوده من قبح تأخير البيان ما يشمل قبح السكوت. وعليه فمن الواضح أنّ الإشكال الأوّل غير وارد.

وأمّا الإشكال الثاني فقد يدّعي القائل بقبح تأخير البيان: أنّ المقصود قبح تأخير البيان العرفيّ بغضّ النظر عن حجّيّته. وهذا يعني أنّ ظاهر كلام المولى بجميع قرائنه المتّصلة والمنفصلة يجب أن يكون وافياً بالمقصود وفق المفهوم العرفيّ من الكلام، وليست الحجّيّة مأخوذة في موضوع ذلك بأن يثبت أنّ المولى ارتكب القبيح، ونتيجة ذلك: إنّنا إذا اطّلعنا على ظاهر كلام المولى بجميع قرائنه المتّصلة والمنفصلة أورث ذلك القطع بمراده. أمّا إذا شككنا في القرينة فأصالة عدم القرينة حجّة، وهي تكفي عن أصالة الظهور كأصل مستقلّ إذا لم يكن الشكّ في المراد إلّا بلحاظ الشكّ في القرينة المتّصلة أو المنفصلة المنفيّة بالأصل.

ولعلّ الشيخ الأعظم(رحمه الله) لا ينظر أصلاً إلى دعوى قاعدة قبح تأخير البيان، بل ينظر إلى قطعنا بأنّ الشارع قد بيّن تمام مراده بمجموع بياناته المتّصلة والمنفصلة، القطع الناشئ إمّا