المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

176

حاجة إلى أصل آخر يستقلّ عن أصالة عدم القرينة يسمّى بأصالة الظهور(1).

ويرد عليه:

أوّلاً: إنّ احتمال القرينة المتّصلة لا يمكن دفعه بقاعدة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ما لم نثبت في المرتبة السابقة حجّيّة الظهور، فإنّ الظهور لو لم يكن حجّة بقطع النظر عن هذه القاعدة كان حال الظاهر بقطع النظر عن هذه القاعدة حال المجمل وحال السكوت، ولا فرق بينه وبينهما بلحاظ التنجيز والتعذير. وليس معنى قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة قبح تأخير تفهيم الحكم عن وقت الحاجة ولو بالإجمال والسكوت، وإنّما مقصودهم من هذه القاعدة قبح الاعتماد على القرينة المنفصلة الدالّة على خلاف ما هو حجّة على المكلّف ويدعو المكلّف إلى نفسه، ويكون حاله حال الإجمال والسكوت، فلو كان ضمّ قاعدة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة إلى أصالة عدم القرينة المتّصلة كافياً لإحراز مراد المولى ومغنياً عن التمسّك بأصالة الظهور من حيث هو ظهور، فلنفرض الإجمال بدلاً عن الظهور، ولنفرض القطع بعدم القرينة المتّصلة بدلاً عن أصالة عدم القرينة، فهل ترى أنّ هذا يكفي لاستكشاف مراد المولى بضمّ قاعدة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة؟ طبعاً لا. فإن لم يفدنا ذلك فكيف يفيدنا بضمّ قاعدة تأخير البيان عن وقت الحاجة إلى أصالة عدم القرينة؟ وهل القطع بعدمها أسوء حالاً من أصالة عدمها؟!


(1) لا يخفى أنّه لا يوجد في كلام الشيخ الأعظم(رحمه الله) وكلام المحقّق العراقي(رحمه الله)أيّ إشارة إلى الفرق بين القرينة المتّصلة والمنفصلة. وقبح تأخير البيان عن وقت الحاجة الذي جاء في كلام المحقّق العراقي(رحمه الله) لا يعني قبح تأخير البيان عن كونه متّصلاً بالكلام، وإنّما يعني قبح تأخير البيان عن وقت العمل، أي: أنّه يجب ذكر القرينة قبل انتهاء وقت العمل ولو منفصلة، فإذا شككنا في القرينة ونفيناها بالأصل، كفى ذلك في العمل بالظهور؛ لأنّ عدم القرينة لا متّصلة ولا منفصلة يعني كون المراد مطابقاً لما هو ظاهر الكلام.