المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

171

المتّصلة، فبناء العقلاء على الحجّيّة المجعولة الفعليّة للظهور مع الشكّ في القرينة المتّصلة الذي هو مسلّم ومفروغ عنه لا يعقل تفسيره فلسفيّاً إلّا بإجراء أصالة عدم القرينة المتّصلة أوّلاً تنقيحاً لموضوع الظهور ثُمّ إجراء أصالة الظهور.

ومن هنا نستثني من أصالة عدم القرينة المتّصلة ما لو لم يكن احتمال القرينة ناشئاً من احتمال الغفلة، بل كان ناشئاً من جهة اُخرى، كما لو كان السامع مبتلى بثقل السمع فاحتمل عدم سماع بعض الكلمات ممّا يكون قرينة صارفة، أو كان المولى قد أرسل إلى عبده رسالة مكتوبة وتمزّق صدفةً مقدار من المكتوب واحتمل العبد وجود القرينة المتّصلة في المقدار التالف من المكتوب، ففي مثل هذه الموارد ممّا لا يكون احتمال عدم القرينة فيها راجحاً نوعاً على احتمال القرينة لا نسلّم جريان أصالة عدم القرينة، وبالتالي لا نسلّم جريان أصالة الظهور؛ لعدم إحراز موضوعها.

وقد تلخّص من هذا البحث: أنّ في باب القرائن المنفصلة لا أساس لأصالة عدم القرينة، ولا حاجة إليها ونتمسّك رأساً بأصالة الظهور حتّى فيما إذا احتملنا وجود قرينة منفصلة. وفي باب القرينة المتّصلة لو لم نحتملها فلا إشكال في التمسّك بأصالة الظهور ابتداءً، ولو احتملناها جرى أصلان طوليّان: الأوّل: أصالة عدم القرينة، وهذا الأصل ينقّح موضوع الظهور. والثاني: أصالة الظهور التي تجري بعد تنقيح موضوعها بالأصل الأوّل.

وقد يقول القائل: لا دليل على وجود جعلين في المقام؛ إذ بالإمكان إرجاع الجعلين إلى جعل واحد من باب الاختصار في الجعل مثلاً بأن يقول المولى: مهما تكوّن لك الظنّ النوعيّ بالمراد من اجتماع أمرين: أحدهما: الرجحان النوعيّ لعدم القرينة المتّصلة؛ لكون احتمالها من باب احتمال الغفلة، والثاني: الظهور في معنى معيّن على تقدير عدم القرينة المتّصلة..، فقد جعلت لك هذا الظنّ حجّة.