المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

169

الظهور حجّة على عبيده، فكون واقع مّا بما هو وبغضّ النظر عن الوصول مأخوذاً في موضوع هذا الجعل أمر معقول، كما أنّ الوثاقة مأخوذة في موضوع حجّيّة خبر الواحد. فليكن ما نحن فيه من قبيل حجّيّة خبر الواحد.

نعم، مع هذا نحن نؤمن بالنتيجة التي أرادها المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله): من عدم الحاجة إلى أصالة عدم القرينة المنفصلة، وكفاية عدم العلم بالقرينة، ولكن ببرهان آخر:

وهو: أنّ الاُصول العقلائيّة تكون بحسب طبع العقلاء وارتكازهم، وباعتراف الأصحاب اُصولاً معتبرة بما لها من الكشف، لا اُصولاً تعبّديّة صرفة. ومن الواضح أنّ عدم صدور القرينة المنفصلة على الخلاف إنّما حصل الظنّ به من ناحية نفس ظهور الكلام وغلبة مطابقته للواقع، فلولا ظهور العامّ في العموم ـ مثلاً ـ وغلبة مطابقته للواقع لكان احتمال صدور الخاصّ واحتمال عدم صدوره متساويين، والذي رجّح احتمال عدم صدور الخاصّ إنّما هو صدور العامّ، إذن فالكشف إنّما هو لنفس الظهور الذي شككنا في وجود قرينة منفصلة على خلافه، ولا كاشفيّة إطلاقاً في الرتبة السابقة على ذلك لأصالة عدم القرينة المنفصلة، فلو افترضنا أنّ العقلاء يجرون في الرتبة السابقة على حجّيّة الظهور أصالة عدم القرينة لكان معنى ذلك أنّ أصالة عدم القرينة أصل تعبّديّ محض لديهم. وهذا خلاف دأب العقلاء في اُصولهم العقلائيّة.

وحاصل الكلام: أنّه لا توجد لدينا نكتتان مستقلّتان كلّ منهما توجب الظنّ النوعيّ بشيء كي يفترض وجود أصلين عقلائيّين: أصالة عدم القرينة، وأصالة الظهور. وإنّما هناك نكتة واحدة هي الظهور توجب الظنّ بأنّ المتكلّم أراد ما هو الظاهر من الكلام، ولم يرد خلافه معتمداً على قرينة منفصلة. إذن فالأصل العقلائيّ هنا منحصر بأصالة الظهور نتمسّك بها ما لم نعلم بالقرينة المنفصلة على الخلاف.

إذن فالوجه الثالث من الوجوه الثلاثة التي أشرنا إليها في مستهلّ البحث ـ وهو كون