المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

152


الأخيرة التي لم أحضرها: إنّ الثابت من سيرة العقلاء إنّما هو العمل بالظهور وحجّيّته في ظهورات الكلمات المتعارفة فيما بين العقلاء ممّا يكون الغالب فيها مطابقتها للمراد، وخلاف ذلك حالة استثنائيّة. أمّا ما لمسناه من الشريعة الإسلاميّة من غلبة الاعتماد على المقيّدات والمخصّصات والقرائن المنفصلة فهذا يمنع عن التمسّك بسيرة العقلاء؛ لأنّه لم يتعارف بين المجتمعات العقلائيّة تكثير الاعتماد على القرائن المنفصلة كي نرى هل يبنون في هذه الحالة على حجّيّة الظهور، أو لا؟ فعلينا أن نثبت حجّيّة ظواهر الشريعة عن طريق سيرة المتشرّعة فحسب.

قال(رحمه الله): إنّ هذه الشبهة قد تذكر لإبطال التمسّك بسيرة العقلاء لإثبات حجّيّة الظهور كما عرفت.

واُخرى تُذكر لا لإبطال ذلك، بل لإثبات أنّ سيرة العقلاء يمرّ طريق إثباتها عبر ثبوت سيرة المتشرّعة حيث يقال: بما أنّ المتشرّعة عملوا بظواهر كلام الأئمّة(عليهم السلام) رغم إكثارهم من الاتّكاء على القرائن المنفصلة نعرف أنّ سيرة العقلاء شاملة لهذا المورد؛ إذ لولاه لوقع أصحاب الأئمّة ابتداءً في حيرة واسعة من أمر هذه الظهورات، ولكثر السؤال والجواب عن مدى جواز الاعتماد عليها، ولوصلنا ذلك، فهذا شاهد على أنّهم بطبعهم العقلائيّ عملوا بظواهر كلمات الأئمّة(عليهم السلام)(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) يأتي هنا احتمال أنّ المتشرّعة قبل أن يعرفوا أنّ ديدن الشريعة على فصل القرائن عملوا بطبعهم العقلائيّ بظهورات الشريعة، ثمّ بسكوت الشارع عن ذلك استمرّوا متشرّعيّاً في العمل بعد علمهم بديدن الشريعة، فلا تثبت بهذا سيرة العقلاء على العمل بظهور كلام من يعتمد كثيراً على القرائن المنفصلة.